(او قلبا) عطف على قوله افرادا (نحو (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا)) فالمخاطبون وهم الرسل عليهم السلام لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا ولا منكرين لذلك لكنهم نزلوا منزلة المنكرين (لاعتقاد القائلين) وهم الكفار (ان الرسول لا يكون بشرا مع اصرار المخاطبين على دعوى الرسالة) فنزلهم القائلون منزلة المنكرين للبشرية لما اعتقدوا اعتقادا فاسدا من التنافى بين الرسالة والبشرية فقلبوا هذا الحكم بان قالوا ان انتم الا بشر مثلنا اى مقصورون على البشرية ليس لكم وصف الرسالة التى تدعونها.
ولما كان هنا مظنة سؤال وهو ان القائلين قد ادعوا التنافى بين البشرية والرسالة وقصروا المخاطبين على البشرية والمخاطبون قد اعترفوا بكونهم مقصورين على البشرية حيث قالوا ان نحن الا بشر مثلكم فكأنهم سلموا انتفاء الرسالة عنهم اشار الى جوابه بقوله.
(وقولهم) اى قول الرسل المخاطبين (ان نحن الا بشر مثلكم من) باب (مجاراة الخصم) وارخاء العنان اليه بتسليم بعض مقدماته (ليعثر) الخصم من العثار وهو الزلة.
وانما يفعل ذلك (حيث يراد تبكيته) اى اسكات الخصم والزامه (لا لتسليم انتفاء الرسالة) فكأنهم قالوا ان ما ادعيتم من كوننا بشرا فحق لا ننكره.
ولكن هذا لا ينافى ان يمن الله تعالى علينا بالرسالة فلهذا اثبتوا البشرية لانفسهم.
واما اثباتها بطريق القصر فليكون على وفق كلام الخصم (وكقولك) عطف على قوله كقولك لصاحبك.
وهذا مثال لاصل انما اى الاصل فى انما ان يستعمل فيما لا ينكره المخاطب كقولك (انما هو اخوك لمن يعلم ذلك ويقرّ به وانت تريد ان ترقّقه عليه) اى ان تجعل من يعلم ذلك رقيقا مشفقا على اخيه.
والاولى بناء على ما ذكرنا ان يكون هذا المثال من الاخراج لا على مقتضى