نحو (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) قوله (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ)) فقد كذبت ليس جزاء الشرط لان تكذيب الرسل متقدم على تكذيبه بل هو سبب لمضمون الجواب المحذوف اقيم مقامه (اى فلا تحزن واصبر) ثم الحذف لابد له من دليل (وادلته كثيرة منها ان يدل العقل عليه) اى على الحذف (والمقصود الاظهر على تعيين المحذوف نحو (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)).
فالعقل دل على ان هنا حذفا اذ الاحكام الشرعية انما تتعلق بالافعال دون الاعيان والمقصود الاظهر من هذه الاشياء المذكورة فى الاية تناولها الشامل للاكل وشرب الالبان فدل على تعيين المحذوف وفى قوله منها ان يدل ادنى تسامح فكأنه على حذف مضاف.
(ومنها ان يدل العقل عليهما) اى على الحذف وتعيين المحذوف (نحو (وَجاءَ رَبُّكَ)) فالعقل يدل على امتناع مجىء الرب تعالى وتقدس ويدل على تعيين المراد ايضا. (اي امره او عذابه) فالامر المعين الذي دل عليه العقل هو احد الامرين لا احدهما على التعيين.
(ومنها ان يدل العقل عليه والعادة على التعيين نحو (فَذلِكُنَ) الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) فان العقل دل على ان فيه حذفا اذ لا معنى للوم الانسان على ذات الشخص واما تعيين المحذوف (فانه يحتمل) ان يقدر (وفى حبله لقوله تعالى (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) وفى مراودته لقوله تعالى (تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) وفى شانه حتى يشملهما) اى الحب والمراودة (والعادة دلت على الثانى) اى مراودته (لان الحب المفرط لايلام صاحبه عليه فى العادة لقهره) اى الحب المفرط (اياه) اى صاحبه فلا يجوز ان يقدر فى حبه ولا فى شانه لكونه شاملا له فيتعين ان يقدر فى مراودته نظرا الى العادة.
(ومنها الشروع فى الفعل) يعنى من ادلة تعيين المحذوف لا من ادلة الحذف لان دليل الحذف ههنا هو ان الجار والمجرور لابد من ان يتعلق بشىء والشروع فى الفعل دل على انه ذلك الفعل الذى شرع فيه (نحو بسم الله فيقدر ما جعلت التسمية مبتدأ له) ففى القرائة يقدر بسم الله اقرأ وعلى هذا القياس.