فصل
فى بيان الاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية.
ولما كانتا عند المصنف امرين معنويين غير داخلين فى تعريف المجاز اورد لهما فصلا على حدة ليستوفى المعانى التى يطلق عليها لفظ الاستعارة فقال (قد يضمر التشبيه فى النفس فلا يصرح بشىء من اركانه سوى المشبه) واما وجوب ذكر المشبه به فانما هو فى التشبيه المصطلح عليه ، وقد عرفت انه غير الاستعارة بالكناية.
(ويدل عليه) اى على ذلك التشبيه المضمر فى النفس (بان يثبت للمشبه امر مختص بالمشبه به) من غير ان يكون هناك امر متحقق حسا او عقلا يطلق عليه اسم ذلك الامر (فيسمى التشبيه) المضمر فى النفس (استعارة بالكناية او مكنيا عنها) اما الكناية فلانه لم يصرح به بل انما دل عليه بذكر خواصه ولوازمه واما الاستعارة فمجرد تسمية خالية عن المناسبة (و) يسمى (اثبات ذلك الامر) المختص بالمشبه به (للمشبه استعارة تخييلية) لانه قد استعير للمشبه ذلك الامر الذى يختص المشبه به وبه يكون كمال المشبه به او قوامه فى وجه الشبه ليخيل ان المشبه من جنس المشبه به (كما فى قول الهذلى واذا المنية انشبت) اى علقت (اظفارها) الفيت كل تميمة لا تنفع.
التميمة الخرزة التى تجعل معاذة اى تعويذا اى اذا علّق الموت مخلبه فى شىء ليذهب به بطلت عنده الحيل (شبه) الهذلى فى نفسه (المنية بالسبع فى اغتيال النفوس بالقهر والغلبة من غير تفرقة بين نفاع وضرار) ولا رقة لمرحوم ولا بقيا على ذى فضيلة (فاثبت لها) اى للمنية (الاظفار التى لا يكمل ذلك) الاغتيال (فيه) اى فى السبع (بدونها) تحقيقا للمبالغة فى التشبيه.
فتشبيه المنية بالسبع استعارة بالكناية واثبات الاظفار لها استعارة تخييلية (وكما في قول الاخر ولئن نطقت بشكر برك مفصحا ، فلسان حالى بالشكاية انطق.