إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) اى غير مقطوع بل ممتد الى غير النهاية ومعنى الاستثناء فى الاول ان بعض الاشقياء لا يخلدون فى النار كالعصاة من المؤمنين الذين شقوا بالعصيان.
وفى الثانى ان بعض السعداء لا يخلّدون فى الجنة بل يفارقونها ابتداء يعنى ايام عذابهم كالفساق من المؤمنين الذى سعدوا بالايمان والتأبيد من مبدأ معين فكما ينتقض باعتبار الانتهاء فكذلك باعتبار الابتداء.
فقد جمع الانفس بقوله (لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) ثم فرق بينهم بان بعضهم شقى وبعضهم سعيد بقوله (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) ثم قسم بان اضاف الى الاشقياء ما لهم من عذاب النار والى السعداء ما لهم من نعيم الجنة بقوله (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) الى آخر الاية.
(وقد يطلق التقسيم على امرين آخرين احدهما ان يذكر احوال الشيىء مضافا الى كل من تلك الاحوال) ما يليق به كقوله سأطلب حقى بالقناء والمشايخ ، كانهم من طول ما التثموا مرد (ثقال) اى لشدة وطائهم على الاعداء (اذا لاقوا) اى حاربوا الاعداء (خفاف) اى مسرعين الى الاجابة (اذا دعوا) الى كفاية مهمّ ودفاع ملمّ (كثير اذا شدّوا) لقيام واحد مقام الجماعة (قليل اذا عدّوا ،) ذكر احوال المشايخ واضاف الى كل حال ما يناسبها بان اضاف الى الثقل حال الملاقاة والى الخفة حال الدعاء وهكذا الى الاخر (والثانى استيفاء اقسام الشيىء كقوله تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما) فان الانسان اما ان لا يكون له ولد او يكون له ولد ذكرا او انثى او ذكر وانثى وقد استوفى فى الاية جميع الاقسام.
(ومنه) اى ومن المعنوى (التجريد وهو ان ينتزع من امر ذى صفة) امر (آخر مثله فيها) اى مماثل لذلك الامر ذى الصفة فى تلك الصفة (مبالغة) اى لاجل المبالغة وذلك (لكمالها) اى تلك الصفة (فيه) اى فى ذلك الامر حتى كانه بلغ من الاتصاف بتلك الصفة الى حيث يصح ان ينتزع منه موصوف آخر بتلك الصفة.
(وهو) اى التجريد (اقسام منها) اى ما يكون بمن التجريدية (نحو قولهم