(ويسمى) كون الإبتداء مناسبا للمقصود (براعة الاستهلال) من برع الرّجل : إذا فاق أصحابه في العلم أو غيره (كقوله فى التهنئة : بشرى فقد أنجز الاقبال ما وعدا) وكوكب المجد في افق العلى صعدا مطلع قصيدة لأبي محمّد الخازن يهنّئ الصاحب بولد لا بنته.
(وقوله فى المرثية هى الدنيا تقول بملء فيها حذار حذار) اى احذر (من بطشى) اى أخذي الشديد (وفتكى) أى قتلي فجأة مطلع قصيدة لأبي الفرج الساوي يرثي فخر الدولة (وثانيها) أى ثاني المواضع التي ينبغي للمتكلّم أن يتأنق فيها (التخلص) أي الخروج (مما شببّ الكلام به) أى ابتدأ وافتتح قال الإمام الواحدي رحمه الله معنى التشبيب ذكر أيّام الشباب واللهو والغزل وذلك يكون فى ابتداء قصائد الشعر فسمى ابتداء كل امر تشبيبا وان لم يكن فى ذكر الشباب (من تشبيب) الى وصف للجمال (وغيره) كالأدب والافتخار والشكاية وغير ذلك (الى المقصود مع رعاية الملائمة بينهما) اى بين ما شبب به الكلام وبين المقصود واحترز بهذا عن الاقتضاب وأراد بقوله التخلّص معناه اللغوي وإلا فالتخلّص فى العرف هو الانتقال مما افتتح به الكلام إلى المقصود مع رعاية المناسبة.
وإنّما ينبغي أن يتأنّق في التخلص لأنّ السامع يكون مترقبا الانتقال من الافتتاح إلى المقصود كيف يكون ، فان كان حسنا متلائم الطرفين حرّك من نشاطه وأعان على اصغاء ما بعده وإلا فبالعكس فالتخلّص الحسن. (كقوله يقول فى قومس) اسم موضع قومى وقد اخذت منا السرى اى اثر فينا السير بالليل ونقصّ من قوانا (وخطى المهرية) عطف على السرى لا على المجرور في منا كما سبق إلى بعض الأوهام وهي جمع خطوة وأراد بالمهرية الابل المنسوبة الى مهر ابن حيدان أبي قبيلة (القود) أي الطويلة الظهور والاعناق جمع اقود اي اثرت فينا مزاولة السرى ومسايرة المطايا بالخطى ومفعول يقول هو قوله (امطلع الشمس تبغى) أي تطلب (ان تؤم) أي تقصد (بنا فقلت كلا) ردع للقوم وتنبيه (ولكن مطلع الجود وقد ينتقل منه) او مما شبب به الكلام (الى ما لا يلائمه ويسمى) ذلك الانتقال (الاقتضاب)