ومن ثمّ قرأ النبيّ صلىاللهعليهوسلم : (فَبِذلِكَ) (١)
______________________________________________________
إلى آخرهما ، وليرم مع لم يرم إلى آخرهما ، وليغز مع لم يغز إلى آخرهما. اه ابن كمال باشا رحمهالله تعالى.
(١) قوله : (فبذلك فلتفرحوا) بإثبات اللام وحرف المضارعة على الأصل مكان فافرحوا ، وأيضا قد جاء في الحديث باللام كقوله عليه الصلاة والسّلام : «لتنهر ولو بشوكة» (٢) ، وقد جاء في الشعر أيضا كقوله :
لتقم أنت يا ابن خير قريش |
|
فتقض حاجة المسلمين (٣) |
وكل ذلك دلّ على أن أصل أمر المخاطب المعلوم باللام (فلاح).
وجه التمسك أنهم يقولون : إن اللام ملفوظ في أمر المخاطب تقديرا وإن لم يكن ملفوظا بها لفظا ؛ وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسّلام فصيح العرب والعجم فلما قرأ بإظهار اللام في أمر المخاطب علم أن اللام يجوز أن يكون ملفوظا بها لفظا ، وإن لم يكن كذلك لم يقرأ النبي عليه الصلاة والسّلام بإظهار اللام ، وإذا ثبت هذا لزم أن تكون اللام مقدرة في أمر المخاطب فيكون معربا به واللام مقدرة أيضا فيكون مجزوما به ، فهم لا يفرقون بين المقدر والملفوظ.
وقد أجاب الزمخشري عنه فقال : قال الكوفيون : هو مجزوم بلام مقدرة وهذا خلف من القول ؛ لأن حرف المضارعة هو علّة الإعراب فانتفى بانتفائه كانتفائه بالاسم بانتفاء سببه ، فإن زعموا أن حرف المضارعة مقدر فليس بمستقيم ؛ لأن حرف المضارعة من صيغة الكلمة كالميم في اسم الفاعل فكما لا يستقيم تقدير الميم فكذا تقدير حرف المضارعة ، وهذا حاصل ما ذكره المصنف في ما بعد بقوله : وعند البصريين إلى آخر الدليل ، والجواب عن قراءة النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم فلتفرحوا أنه شاذ ، وأيضا يمكن أن يقال من طرف البصريين في جواب الكوفيين : إنا لا نسلم أن أصل اضرب لتضرب بل كل منهما بناء على حدة ولا ضرورة دعت إليه ؛ لأن طلب الفعل لا يختص باللام بل قد يكون بنفس الصيغة مثل اضرب ، وقد يكون بلام الأمر مثل لتضرب.
وأما قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم فبذلك ... إلخ. فيحتمل أن يكون مبنيا على أن بناء ـ
__________________
(١) أخرجه البخاري تعليقا ، كتاب الصلاة ، باب وجوب الصلاة في الثياب ، وأبو داود ، كتاب الصلاة ، باب في الرجل يصلي في ثوب واحد (٦٣٢) ، وللحديث قصة كما عند أبي داود ، وهي سلمة بن الأكوع قال : قلت : يا رسول الله ، إنّي رجل أصيد أفأصلّي في القميص الواحد؟ قال : ((نعم ، وازرره ولو بشوكة)).
(٢) ذكره هكذا ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب ١٧ / ٢٣٦.