وهذا إذا كانتا في كلمة واحدة.
وإذا كانتا في كلمتين (١) تخفّف الثانية عند الخليل ، نحو :
______________________________________________________
(فَقَدْ جاءَ) ـ فحذفت أيضا فبقي كل وخذ ومر ، هذا ما أراده المصنف.
لكن فيها تفصيل وهو أن مخالفة القياس في كل وخذ على سبيل الوجوب والالتزام ، وأما مر فساغ فيه القياس أيضا كقوله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) [طه : ١٣٢] ، والسر فيه أن مر لما لم يبلغ مبلغ باب خذ وكل في كثرة الاستعمال لم يلزموا حذف الهمزة فيه ولم يقصر في قلة الاستعمال ، كما في باب إيسر حتى أثبتوها فيه أيضا بلا خلاف فجعلوا له حكما متوسطا وهو جواز الأمرين ، إثبات الهمزة جريا على القياس ، وحذفها على خلاف القياس ، إلا أنهم إذا ابتدؤوا به كان مر عندهم أفصح من أومر ، لاستثقال الهمزتين ؛ وإذا ابتدؤوا بغيره قبله كان اومر على الأصل أفصح من مر ، لأنهم إذا قالوا : وأمر فقد استغنوا عن همزة الوصل المضمومة لأجل الدرج ، وإيصال الواو المفتوحة بالهمزة التي هي فاء الفعل فلا يستثقل كذا قالوا. اه ابن سليمان رومي.
(١) قوله : (إذا كانتا في كلمتين) واعلم أنه إذا اجتمع همزتان في كلمتين يتحقق فيه اثنا عشر صورة ، الثّانية مفتوحة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ أحد بعد جاء ، ومن تلقاء ويدرأ ولم يدرأ ، ومكسورة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ إبل بعد كل من هذه الألفاظ ، ومضمومة وقبلها الأربعة يتحقق بإيراد لفظ أولئك عقيب كل منها متصلا ، إذا عرفت هذا فاعلم أن في تخفيفهما مذاهب ثلاثة ، وقول لبعض الحجازيين وهو تخفيفهما بلا فصل بينهما ، أما التخفيف فلأنه أوفى بمقصود التخفيف ، وكونه بدون الفصل بينهما فلعدم لزوم اجتماعهما إذ قد ينفك إحدى الكلمتين عن الأخرى ، ولم يذكره المصنف.
وأشار إلى الأول بقوله : وعند أهل الحجاز تخفف كلاهما ، ثم طريق تخفيفهما أن تخفيف الأول بقاء نون تخفيف الهمزة المنفردة ، والثّانية بقاعدة تخفيف الهمزتين في الكلمة الواحدة نحو : رأيت قار أبيك ، فيقال فيه قاري وبيك ، بقلب الأولى ياء كما في بير ، والثّانية واوا على قياس أوادم أو قاري أبيك بجعل الثّانية بين بين.
مذهب الكوفيين وهو إثباتهما إذ اجتماعهما في الكلمتين أسهل منه في كلمة واحدة ، مذهب بعض الصراف وهو تخفيف أحدهما.
ثم اختلفوا في هذا المذهب الأخير ، فذهب سيبويه إلى أن أي الهمزتين خفف جاز وكفى لحصول التخفيف به ، واختار أبو عمرو تخفيف الأولى ؛ لأن الاستثقال إنما يحصل من اجتماعهما ، فعلى أيهما وقع التخفيف جاز لكنهم قد أبدلوا أول المثلين في مثل دينار وديوان بالنون والواوين ، وكان ذلك للتخفيف فكذا في الهمزتين ، واختار الخليل خلاف ذلك وإليه أشار بقوله : تخفف الثّانية عند الخليل ؛ لأن الثقل في التلفظ إنما يحصل ـ