ومن ثمّ يجيء جمعه : مياه (١).
ومن الألف ، نحو :
... |
|
... فقد هيّجت شوق (٢) المشتئق (٣) |
______________________________________________________
(١) قوله : (مياه) بالهاء لا بالهمزة وأصله مواه فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ؛ لأن جمع التكسير يرد الأشياء إلى أصولها ، وكذلك التصغير فيقال : مويه.
قال ابن الحاجب : إن إبدال الهمزة عن الهاء في نحو ماء شاذ لقلته ولازم إذ لم يثبت النقل باستعمال الهاء في ماء. اه أحمد بن سليمان.
(٢) قوله : (المشتق) بكسر الهمزة أصله مشتوق إذ هو اسم فاعل من اشتاق من الشوق فقلبت الواو ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار مشتاق كمنقاد ومختار ، ثم أبدلت الهمزة من الألف فصار مشتئق ، فعلى هذا يكون الإبدال باعتبار الأصل من الواو لا من الألف كما في قائل وكساء ، لكن المصنف لم يلتفت إلى هذا الأصل بل نظر إلى الظاهر ؛ أو لأن قلب الواو وهو التاء مفتوحة لا حاجز بينهما ، وما قبل الواو في قاول ألف ساكنة وما قبل ذلك الألف مفتوح ، ولما كان قلبها ههنا أوجب كان كأنها ألف في الأصل بخلاف ألف قاول تدبر ، وتمام البيت :
يا دار ميّ بدكاديك البرق |
|
صبرا فقد هيّجت شوق المشتئق |
ميّ : اسم الحبيبة ، الدكاديك : جمع دكداك وهو ما التبد من الرمل بالأرض ولم يرتفع ، البرق : بضم الباء وفتح الراء جمع برقة وهي أرض فيها حجارة ورمل وطين مختلط ، هيجت : معناه حركت وأظهرت ، وفاعله يرجع إلى دار ميّ ، ومفعوله شوق المشتئق ، وأراد بالمشتئق نفسه. اه فلاح.
ثم اعلم أن الباء في بدكاديك إما للإلصاق أي : لإفادة لصوق أمر إلى مدخولها كما في برداء ، وإما للمصاحبة بمعنى مع نحو : اشتريت الفرس بسرجه ، وإما للظرفية نحو صليت بالمسجد أي : في المسجد ، وأن إضافة الدكاديك إلى البرق إضافة الصفة إلى الموصوف ، وأن قوله : صبرا منصوب لكونه مفعول أعطني مقدّرا ، وأن الفاء في فقد تعليلية فمعنى البيت : يا دار مي أنت ملصقة أو مصاحبة أو مقيمة في أرض ذي حجارة ورمل وطين أعطني صبرا ، أي : التخليص من الاضطراب بالتلاقي ؛ لأنك بالتحقيق ظهرت شوقي لهجرانك.
قال بعض الأفاضل : كان رجل له حبيبة تسمى بميّ ، فوقعت ذهابها ضرورة لمقصود إلى موضع محجر مرمل مطين فأرادت الذهاب إليه فقالت معه حين الرحلة تطمينا لقلبه من الكلمات اللطيفة المعتادة بين الأحباء مع منع ذهابه بها ، فذهبت وحدها ، فلما مضت مدة ما لم يطق الفراق فلا جرم رجع إليها ، وكان يقول في أثناء الطريق : يا دارمي ... إلخ حتى يلاقيها ، والله أعلم. اه لمحرره.
(٣) بعض عجز بيت من الرجز ، وهو بلا نسبة في تهذيب اللغة للأزهري ٥ / ١٥٦ ، والخصائص لابن جني ٣ / ١٤٥ ، والعمدة في محاسن الشعر للقيرواني ص ٢٠٥.