به نحو : ضربت ضربا ، وهو بمنزلة (١) : ضربت ضربت ، والمؤكّد أصل من المؤكّد.
ويقال له (٢) : «مصدر» لكونه مصدورا عن الفعل ، كما قال : مشرب (٣) عذب ، ومركب فاره ، أي : مشروب ومركوب.
______________________________________________________
توهم التجويز وعليه حمل قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [النساء : ١٦٤] ، أي : كلمه بذاته لا بترجمان بأن يأمره بالتكلم لموسى عليهالسلام. اه عبد الغفور بنبذ تغيير.
(١) قوله : (بمنزلة ضربت ضربت) إشارة إلى جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : كون المصدر ـ أعني : ضربا ـ تأكيدا للفعل لا يكاد يصح ؛ لأن التأكيد على نوعين لفظي ومعنوي ، أمّا اللفظي فهو تكرير اللفظ الأول بعينه ، وأمّا المعنوي فهو بألفاظ محصورة وهي نفسه وعينه وغير ذلك ، وكلاهما مفقودان في ضربا. فأجاب بأنه بمنزلة ضربت ضربت وإنما كان بمنزلة ضربت ... إلخ ؛ لأن ضربا تأكيد لما هو منسوب إلى المتكلم فيكون ضربا أيضا منسوبا إلى المتكلم. فالحاصل أن ضربا وإن كان باعتبار اللفظ غير ضربت لكن في الحقيقة والتأويل عينه. اه حنفية مع إيضاح.
قوله : (بمنزلة ضربت ضربت) ولا يخفى أنه تأكيد لغوي يؤكد بعض مدلول الفعل وما ذكروا من التقسيم ، فهو للتأكيد الاصطلاحي فلا حاجة إلى القول : بأنه بمنزلة ضربت لتصحيح كونه تأكيدا. اه إيضاح.
اللهم لما لم يكن ضربا في ضربته ضربا من التواكيد الصناعية ، كان في تأكيد الفعل نوع خفاء بالنسبة إلى بعض الأذهان فشبهوا بالتأكيد اللفظي الصناعي ، فقالوا : وهو بمنزلة ... إلخ. اه ف.
(٢) قوله : (ويقال له ... إلخ) هذا وجه تسمية المصدر مصدرا عند الكوفيين. ونفي لما ذكره البصريون من وجه التسمية بطريق المعارضة ، لا دليل ثالث على مطلبهم كما زعمه بعض الشارحين ، وإلّا لزم المصادرة من أنه دليل ثالث وتقريره : أن البصريين لما قالوا في وجه تسمية المصدر مصدرا من أن هذه الأشياء تصدر عنه ؛ لأن المصدر مفعل بمعنى محل الصدور ، إذ هي ظرف فيكون المصدر محلا لصدور الأشياء.
فأجاب الكوفيون عن ذلك : بأن تسمية المصدر مصدرا ليست باعتبار ما زعمتم ، بل باعتبار أنه مفعل وهو مصدر ميمي بمعنى المفعول ، فيكون المصدر بمعنى المصدور عن الفعل ، فثبت أن المصدر فرع للفعل ، ولما استبعد كون المصدر بمعنى المصدور استدلّ عليه بقول العرب : مشرب. اه حنفية وإيضاح.
(٣) قوله : (مشرب ... إلخ) بيانه أن المصدر مفعل ، ويذكر مفعل ويراد به المفعول ، كما في قول العرب : مشرب عذب ، أي : مشروب ... إلخ. فكذا المصدر بمعنى المصدور عن الفعل فيكون فرعا له لا محالة. ولا يصح أن يكون المشرب في قولهم بمعنى محل الشرب ، لأن محله القصعة مثلا. وهي ليست بعذب بل العذب إنما هو الماء ، وكذا المركب ؛ لأن محل الركوب هو السرج ، وهو ليس بفاره بل الفاره هو الفرس وهو مركوب. اه ح.