قلنا في جوابهم : إعلال المصدر للمشاكلة (١) لا للمداريّة ، كحذف الواو في : «تعد» (٢) والهمزة في : «تكرم».
والمؤكّديّة (٣) لا تدل على أصالته في الاشتقاق ، كما في : جاءني زيد زيد (٤).
______________________________________________________
(١) قوله : (للمشاكلة ... إلخ) يعني لما قال الكوفيون : إن إعلال الفعل مدار لإعلال ... إلخ ، أشار المصنف آنفا من طرف البصريين إلى رد قولهم بمنع المدارية وبيان ذلك أن مدار الشيء لا يختلف عنه في شيء من الأوقات ، فإذا عرفت هذا فاعلم : أن إعلال الفعل لو كان مدارا لإعلال المصدر لأعل كثير من المصادر التي أعل فعلها ، واللازم وهو إعلال كون كثير من ...
إلخ ، باطل فكذا الملزوم من كون إعلال الفعل مدارا لإعلال المصدر باطل.
أما بطلان اللازم فقد حررنا لك في شرح قوله : ومداريته تدل على أصالته ، وكذا بطلان الملزوم فيه فافهم.
فإذا بطل المدارية ثبت المدارية بين المصدر والفعل ؛ لأن بينهما مناسبة في الحروف والمعنى ، أمّا الأول فظاهر ، وأمّا الثّاني فلأن كل واحد منهما يدل على الحدث ، وما من فعل إلا ومعه حدث. فإذا ثبت المناسبة بينهما في الحروف والمعنى جعل كل واحد منهما بمنزلة لفظ واحد ؛ ليكون الألفاظ على قضية المعاني فلذلك يعل المصدر حيث يعل الفعل رعاية لما بينهما من التناسب ، لا لكونه فرعا له في الاشتقاق. اه ح بتغير.
(٢) قوله (والهمزة في يكرم) بنقطتين من تحت وباقي صيغ المضارع سوى أكرم ، وسائر متصرفاتها من الفاعل والمفعول وغيرهما. وإن لم يوجد فيها علّة الحذف وهي اجتماع الهمزتين موافقة لأكرم ، أي : ليطرد الباب.
اعلم أن حاصل هذا الجواب منع مدارية إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا ، فكأنه قال : إنا لا نسلم أن إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا ، فكأنه قال : إنا لا نسلم أن إعلال الفعل للمدارية لا يجوز أن يكون للمشاكلة اللفظية كحذف الواو في تعد فلا يتوجه أن يقال : إن إعلال المصدر للمشاكلة لا للمدارية دعوى بلا دليل. ولما كان مدار الاستدلال على المدارية وجودا وعدما معا اكتفى بمنع الشق الأول ولم يتعرض لمنع الشق الثّاني وقد منعناه أيضا فتذكر. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
(٣) قوله : (والمؤكدية ... إلخ) يعني أنّا لا نسلم كون المؤكد أصلا من المؤكد في الاشتقاق ؛ لأنه لو كان كذلك لزم أن يكون الشيء مشتقا من نفسه ، وهو ممتنع نحو جاءني زيد زيد فإن زيد الأولى مؤكّد والثّاني مؤكّد فلو كان الأولى أصلا في الاشتقاق لزم أن زيدا اشتق من زيد وليس كذلك كما لا يخفى. بل في الإعراب والأصالة فيه ليس بحجة علينا ؛ لعدم كلامنا فيه. اه جلال الدين.
(٤) قوله : (زيد زيد) وأنت تعلم أن هذا الجواب إنما يصح لو حمل التأكيد على اللفظي