هذه المعاملات الزوار والسياح كثيرا من المشاق والمتاعب بل في أكثر الأحيان تحرمهم اقتناء قسم من المصنوعات البلدية باسم الذكرى من هذه البلاد ، إذ إنهم يسافرون في أيام معينة خاصة وكثيرا ما يخلف هؤلاء الصناع مواعيدهم فيتسبب عن ذلك كثير من المشاجرات والمنازعات لا بالنسبة لهؤلاء السياح الأجانب فحسب ، بل حتى للأهلين.
ولقد أرتني مدام پرتيه عددا من الستائر المذهبة التي أوصت بصنعها وأسلفت الحائك بعض ثمنه مقدما ومع ذلك لم تكن جميعها باللون الذي أرادته وبالشكل الذي أوصت به .. ولقد سألتها عن علّة ذلك فأجابتني بقولها : إنني أول وصولي إلى بغداد طلبت من «حاجي بابا» أشهر النساجين في المدينة أن ينسج لي عددا من الستائر بلون وبحجم واحد وعلى حسب الأصول المرعية في هذا الشأن ، أسلفته نصف أثمانها على أن أعطيه النصف الآخر عند ما يبدأ بإتمام النصف الثاني من تلك الستائر بعد إبدائي رضاي عنها ، وبعد شهرين جاءني حاجي بابا ودعاني إلى محله لمشاهدة الستائر التي أنجز النصف الأول منها ولقد لبيت دعوته وذهبت إلى معمله وأبديت رضائي وأعطيته النصف الثاني من أثمانها ورجعت إلى منزلي وأنا فرحة جذلة. وبعد ستة أشهر جاء حاجي بابا مع عماله إلى بيتنا وهم يحملون الستائر الكاملة وما إن فتحوها بحضرتي حتى رأيتها جميعا ذات لونين مختلفين بشكل منفر!!
وبعد أن أنّبت حاجي بابا ولمته على فعلته هذه أجابني بقوله : «إنك أعطيتني أثمانها على دفعتين لذلك اضطررت أن أصبغ الحرير مرتين وإذا كان اللون مختلفا في الستارة الواحدة فالذنب ذنبك لا ذنبي فلو كنت قد أخذت المبلغ منك مرة واحدة لصبغت الحرير كله جملة ولما تباين لونها هذا التباين الذي أنت مسؤولة عنه ولست أنا»؟!
وبعد أن انتهى من كلامه هذا ترك الستائر وخرج مغضبا. وإنني لم أجد بدّا من قبولها على علاتها لأنني كنت قد دفعت أثمانها سلفا .. هذا هو حال المعاملات هنا وعليك التقدير؟!
لا تستطيع أن ترد علّة المعاملات على هذه الطريقة البدائية إلى عدم