وجود رأس المال عند الصناع ، ذلك لأن في بغداد عدد كبير من الصيارفة وذوي رؤوس الأموال الكبيرة وهم على استعداد أن يمدوا هؤلاء الصناع بالمال. يضاف إلى ذلك أن لأفراد هذه الطبقة امتيازات خاصة بهم منها أن الحكومة لا ترهقهم برسوم وضرائب كثيرة وذلك لتشجيعهم والأخذ بيد الصناعة البلدية ، ثم إنها لا تطلب منهم شهادات وشروطا معينة لكي يقوموا بصناعاتهم تلك أو فتحهم معاملهم سواء في ذلك الكبيرة والصغيرة. وكل الذي تأخذه الحكومة هو رسوم يسيرة على تلك المصنوعات في حالة إصدارها إلى الخارج فقط. وحتى هذه الرسوم الزهيدة من الممكن تداركها وتقليلها بعد الاتفاق مع موظفي الكمرك فهم يبدون مساعدة في مثل هذه الأمور التي تتم بمنفعتهم الخاصة وتزيد من ثرائهم الفاحش غير المشروع؟!!
وأعتقد أن علّة استسلاف هؤلاء الصناع أثمان المصنوعات هي أولا للتصرّف بها كما يشاؤون وتأخير إنجاز ما أوصوا بصنعه ما استطاعوا ذلك فيفيدون بذلك من المال والوقت معا وثانيا لأن الصناع يخافون أن يستغني المشتري عما أوصى به بعد إتمام العمل أو يتعنت في قبول البضاعة وينتحل بعض المآخذ عليها!!
لهذه الأمور نرى العمال والصناع يفضلون أمثال هذه الأساليب في المعاملات التجارية والسوقية على ما سواها وإن كان في ذلك الضرر والغبن للطرف الآخر!
ومما يلفت النظر في أسواق هذه المدينة المملوءة بالبضائع الثمينة على اختلاف أنواعها عدم ازدحام المشترين والعابرين وبرودة الحركة التجارية ، وذلك لأن البضائع الثمينة والأشياء النفيسة يحملها الدلالون إلى منازل الشارين وفي بعض الأحيان يحملها أصحابها أنفسهم إلى المحتاجين إليها أو الذين يتوسمون فيهم تصريف تلك البضائع عليهم. ويمكننا أن نستثني من هذه الأسواق ، تلك التي تعرض الأقمشة القطنية الانجليزية أو البضائع الروسية ، فإنك ترى فيها عددا كبيرا من الناس في حركة دائبة ، وترى أمام تلك الدكاكين النساء القرويات وقد عرضن أمامهم اللبن والدجاج والبيض التي جلبنها من