ارتفاعها أحد عشر مترا وهي تشبه إلى حد بعيد برجا ذا قاعدة مربعة تهدم بعض أقسامه العلوية بشكل شق أصيب به. وفي أطراف هذا الجبل المتكوّن من هذه الخرائب تجد قطعا كبيرة من الصخور والآجر منتشرة هنا وهناك ، وكل منها ملتصقة بالآخر بإحكام لدرجة أن كانت لها صلابة الحديد ، ويخيّل أنه من الصعوبة بمكان فصل بعضها عن بعض. ومن هذه النقطة المرتفعة تستطيع أن ترى جميع أقسام هذه الأبنية المخربة التي تقع على أطرافها. بل إن أفق العين واسع بحيث تستطيع أن تشاهد في الجنوب مغارات مشهد علي وفي الشمال الغربي أبنية مدينة الحلة ، وفي الشمال غابات نخل كربلاء وأخيرا تحت القدمين ترى بحيرتين بصورة واضحة جلية.
وتجد حول هاتين البحيرتين مضارب لقبائل من الأعراب لا تزيد على بيوت للشعر أو خيم بسيطة إلّا أن سكانها سعداء وفرحون بمنازلهم هذه لأنهم على الأقل بعيدون عن متاعب ولصوصية موظفي الترك الأوباش.
وبعد أن شرح لنا الكولونيل «جرارد» بعض دقائق هذا البرج هبطنا من التل وأخذنا في التفرج عليه من أسفل واستطعنا بسهولة أن نميّز طبقاته وأقسامه المتعددة التي شيدت في أزمان متباعدة مختلفة. أما معرفة ارتفاع البرج فبدت لنا صعبة لأن الطبقات السفلية منه كانت قد غطتها الأوحال والطين وما سقط من أقسامها العلوية عليها من حجارة وصخور وتراب بحيث تعذر علينا معرفة مقدار تلك المواد التي تراكمت على قاعدته. ولكننا لو فصلنا بعض أقسامه وعينا كلّا منها حتى نصل مستوى الأرض العام وأخذنا بنظر الاعتبار شبهه البعيد بقصر سرجون لاستطعنا في هذه الحالة تعيين طول البرج بثمانين مترا تقريبا على وجه الحدس والتخمين. وبناء على هذه الفرضية يكون ارتفاع كل طبقة من الطبقات السبع لهذه البناية ثمانية أمتار تقريبا وكل هذه كانت تنتصب فوق قاعدة طولها مائة وثمانية وعشرون مترا وارتفاعها خمسة وعشرون مترا. وجميع هذه الطبقات كانت متصلة بعضها ببعض بواسطة درج يقع في القسم الأمامي منها ومن ناحيتها الشمالية الغربية. كما أن جميع آجرها الذي شيدت به كان ملونا وموشى بالميناء المزوق.