والجمال الفني. وهذا الأسد هو الأثر الوحيد الذي اكتشف من قصور ملوك كلدية القدامى تلك القصور التي أسلم فيها الإسكندر المقدوني روحه.
أما الحدائق المعلقة التي أنشأها بختنصر لزوجته فلم يبق منها شيء وكانت هذه تسمى بآميتيس «Amytis» وهي بنت أستياج ملك الماديين الذين تقع بلادهم في الأقسام الجبلية المزدانة بالأشجار والحدائق الغناء الكثيرة.
ولقد أقام بختنصر هذه الحدائق بناء على رغبة زوجه التي كانت ضجرة من مناظر صحراء بابل ولتعودها من جهة أخرى على مناظر بلادها المزدهرة بالأشجار والأزهار.
والحدائق المعلقة هذه لم يكن لها عمر طويل إلّا أنها كانت جميلة جذابة كثيرا ، فلقد كتب فيها الكونت كورس وفاخر في كتابته حتى أنه عدها إحدى أعاجيب ذلك الزمن ، كما أن ديودور الصقلي ذكر هذه الحدائق في بعض كتاباته وأسهب في جمالها وروعتها.
والخلاصة أن مدينة بابل بعد موت الإسكندر وتأسيس مدينة سلوقية قد تركت وأخذت تضمحل رويدا رويدا ، ثم فقدت مقامها الرفيع وانهدمت عماراتها الجميلة البابلية. وانتهى بها الأمر أن يبست أشجارها وماتت بسبب قلّة وصول الماء إليها ، وإن فردوس ملكة آميتيس صارت موضعا للأشواك وجسد امپراتريس الجميل سقط واختلط بالتراب.
وفي زمن الملوك الأشكانيين غدت مدينة بابل مهدمة متروكة تماما. وإن بساتينها الجميلة الرائقة انقلبت إلى مقابر موحشة. إن مقابر البارثيين التي اكتشفت منذ بضع سنين قد أثبتت هذا الأمر بحيث لا يقبل ردّا ولا جدالا. إن الاستحاثات والتنقيبات التي أجريت في أطراف القصر الملكي أتت بنتائج مفيدة ومهمة جدّا. وما زالت تلك العمليات قائمة على قدم وساق فزهاء ٣٠٠ إلى ٤٠٠ شخص عربي منهمكون في رفع التراب عن حيطان هذا القصر وما يتاخمه ، ولقد اكتشفت أن حيطانه كانت قد أنشئت من الآجر والقار وأن أبهاءه الشامخة الطويلة التي تشبه الأبهاء المحيطة ببرج نمرود كما رأيناها من قبل قد اكتشفت أيضا ورفع عنها التراب. وقد عثر إلى جانب كل ذلك على أشياء لم