يراع في صنعها الفن والروعة إلّا أنها مهمة من الناحية التاريخية ، ومن حيث ما تلقي من ضوء في حوادث تلك الأزمان السحيقة ولا سيما ألواح الطين المفخورة الكثيرة التي دونت عليها عبارات بالخط المسماري بصورة متداخلة السطور بحيث يمكن قراءتها بصعوبة كبيرة وتعيين معانيها.
وفي غالب الأحيان عندما كانوا يزيدون في حفر الأرض فقد كانوا يكتشفون في الأعماق الغائرة أواني صنعت من القار وهي مكسورة وفي جوفها عظام لكتف ثعلب أو فك جواد؟!
وعلى بعد كيلومترين من هذه العاصمة القديمة يقع تل عال كبير على شكل هرم ناقص كنا نراه من مسافة بعيدة جدّا من خان الإسكندرية. ويخيل إلى المرء أن هذا التل من جانب وبرج نمرود من الجانب الآخر كانا يعينان الحدود النهائية لمدينة بابل العظيمة. وهذا التل الذي يبلغ طوله مائة وثمانين مترا وارتفاعه أربعين مترا ليس طبيعيّا وإن الإنسان قد أقامه بيديه أو قد ساعد على إقامته وسكنة هذا المحل يقال لهم البابليون.
وفي اعتقادي أن هذا التل من بقايا المعبد الذي ذكره المؤرخون اليونانيون من أنه صنع في عهد حكم آسارحادون ((Assarhaddon) أو سور آخئيدين)(Assour ـ Akheyddin) من أجل الرب بل مروداك (Bel ـ Merodaek) وفي حكم بختنصر ونريگ لي سور ، أو نيركال سار أو سور قد توسع وجمّل كثيرا وأضيف إليه بعض التزيينات. وهذا البناء قد هدم كله بأمر من خشيارث الملك الإيراني. بيد أن الإسكندر المقدوني كان يفكر في بنائه عودا على بدء للبابليين ولكن المنية عاجلته وأصبحت بعد ذلك قلعة حربية يونانية ، أما الآن فقد انقلبت تلا من تراب ليس له مظهر ولا شكل معيّن.
ولقد ارتقينا نحن هذا التل من غير أن نلاقي صعوبة تذكر وبلغنا قمته وفي موضع التمثال الذهبي الذي كان يقع هناك (وقيل إن خشيارث قد أخذه معه) لم نجد سوى أحجار وصخور مكسرة وحفرة تشبه إلى حد بعيد بئرا غير عميقة. وليس من البعيد أن تكون هذه مرصدا لمنجمي كلدة القدامى السعداء؟! وهنا وهناك كنا نعثر على قطع صغيرة كتبت بخطوط يونانية أو