في هذه الحالة يواجهنا خطر آخر وتقابلنا صعاب غير التي ذكرت ، وأعني أنه ينبغي أن نرمي بأنفسنا في النهر ونذهب إلى السفينة سباحة إذ لم نستطع أن نجد ما يحملنا إليها»!
بعثت كلمات الكابتن في أنفسنا الخوف والرعب فنظرنا إليه مدهوشين مأخوذين ولا سيما أننا لم نملك من السلاح ما ندافع به عن أنفسنا زيادة على التعب والجوع والبرد ، كل ذلك قد أخذ منا مأخذا كبيرا ، لذا كانت كل ثانية تمرّ علينا وكأنها يوم كامل ثقيل ..
أخذنا نتشاور في أسهل وأسرع طريقة نصل بها إلى السفينة ، لنتخلص مما استولى علينا من الخوف الذي أخذ يتزايد ثانية بعد ثانية .. وفي هذه الأثناء ارتفع صوت أمواج ماء النهر يقطع صمت الليل البهيم وبدّد بغير تردّد ركض الكابتن دمينيسي إلى جهة الضفة ورأى قاربا شراعيا قادما من كوت العمارة وهو يعبر خلال هذا الساحل. وهنا تكلّم الكابتن مع ركابه ورجاهم أن يحملونا إلى السفينة وكان ذلك!
وبعد مسيرة ساعة كاملة أخذت مصابيح السفينة تتراءى لنا خافتة واستطاع القارب أن يوصلنا إليها فامتطيناها ونحن بين مصدقين ومكذبين! وما كادت السفينة تسير قليلا حتى غاصت في الأوحال وتوقفت عن الحركة ، ولم يستطع عمالها من تخليصها وتسييرها مرّة أخرى إلّا بعد جهد جهيد بذلوه في عدّة ساعات مضنية! لذلك لم أستطع أن أذهب إلى صالون السفينة إلّا في منتصف الليل. وهذا الصالون هو غرفة النوم وغرفة العمل والأكل والاستراحة لجميع المسافرين!! وعليك بعد الآن أن تقدّر الراحة التي يصيبها راكب مثل هذه السفينة اللعين!!
على أي حال فرشنا سفرة الطعام وازدردنا عدّة لقيمات على مضض ثم تمددنا بقصد الاستراحة نتجاذب أطراف الحديث ولكن لا ذكر عن أفراد القبائل المتوحشين والأثواب التي تصنع من جرائد التايمس. ولقد شكرت الله عدّة مرات لنجاتنا مما كان يتهددنا من تلك الأخطار والمصائب!
وبعد أن أخذنا نصيبنا من الراحة والتقط الكابتن ديمينيسي أنفاسه رأيناه