يعيدون صناعة تلك الزوارق عودا على بدء»! هكذا ذكر هردوت زورقا ليس له مقدمة ولا مؤخرة ، ولا يضيف إلّا أنه يشبه القفص أو الدرع الدائرية وأنه مصنوع من أغصان وجذوع شجر الصفصاف وحوافه من هذه الأغصان الطرية ..
يتّضح مما ذكره هردوت إذن أن القفة التي يذكرها ـ ولا يسميها ـ هي على نمط قفة اليوم وتشبهها إلى حد بعيد. علاوة على ذلك فإني اكتشفت في الآثار الآشورية صورة منحوتة على حائط من حيطان نينوى تمثّل شكل القفة القديمة التي تناظر ما عليها اليوم في بغداد ، وأراه الآن أمامي يخطر كل منها على سطح مياه النهر الرائقة .. وهذا الأثر المكتشف يرجع تاريخه إلى ثمانمائة سنة قبل الميلاد. فهل يبقى ـ بعد ذلك ـ شك من أن زوارق هردوت لا تختلف عن الزوارق الاعتيادية كما خيّل إلى الكتاب المؤرخين!
ولكن ـ مع ذلك ـ ينبغي ألّا ننكر أن ثمة تباينا بين (قفة) هردوت و (القفة) المستعملة اليوم ، وذلك هو أن الأخيرة مطلية من الخارج والداخل