بطبقة كثيفة من القار ، أما التي كانت معروفة على زمن البابليين فكان يعتاض بجلود الحيوانات عن القار. ومن ناحية أخرى فإنه يقول ـ أي هردوت ـ «إنهم بعد وصولهم إلى المدينة المقصودة وبيعهم بضائعهم التجارية يعودون إلى أمصارهم وهم يحملون معهم القرب والجلود فقط على ظهور الحمير»! ..
يحتمل ممّا تقدّم أنه كان يقصد ـ بأقواله تلك ـ الكلك ولكنني أشك في ذلك لأن الملاحين اليونان قد ذكروا الكلك والقرب المنفوخة بالهواء ولكنهم لم يذكروا شيئا عن مقدمتها ومؤخرتها .. وأعتقد أنه ينبغي أن نأخذ بأقوال هردوت تلك دون زيادة أو نقصان ، وأن نعد زوارق البابليين على شكل قفة اليوم إلّا أنها كانت من أسفل محاطة بجلود خيط كل منها بالآخر وأن الصورة التي اكتشفت في نينوى تؤيّد رأيي هذا ولا تدع مجالا للشك!!
لنعد إلى ما كان من أمر سفرتنا .. فأقول ان المرّة الأولى التي ركبت بها القفة في دجلة كانت مزعجة .. فما كدنا نقعد فيها حتى راحت تدور بنا على صفحة مياه النهر بسرعة حتى خيّل إليّ أننا على وشك الغرق. وبعد لأي بلغنا ضفة النهر ووضعنا أرجلنا أوّل مرّة على أرض مدينة الست زبيدة وهارون الرشيد. ومن حسن الحظ أن القنصل الفرنسي في بغداد كان قد علم بخبر وصول السفينة وأرسل أحد خدمه لاستقبالنا ومساعدتنا!
والقنصل الفرنسي في بغداد اليوم هو مسيو پرتيه (Peretie) ابن أحد علماء الآثار المعروفين الذي قام بحفريات كثيرة واستطاع أن يكتشف أشياء مهمة ألقت ضوءا ساطعا على كثير من الحوادث التاريخية القديمة ..
وخلاصة القول أننا بعد فترة مديدة من التغرّب عن وطننا الحبيب استطعنا أن نرى مرّة ثانية حياة عائلة فرنسية قابلنا أعضاؤها بود وحنان. ولقد وضعت مدام پرتيه غرفة بناتها تحت تصرفنا. وكنت أبدو مسرورة جدّا لأنني سأنام هذه الليلة نوما هادئا على سرير مريح نظيف بعد أن حرمت ذلك منذ أن خرجنا من طهران حتى اليوم اللهم إلّا في مدينة جلفا التي نمنا في بيت صديقنا «پرپساكال» وإذا أردت أن أقول الحقيقة فمن هناك لم أنم بأمان واطمئنان ، ذلك لأن السرير الذي وضعه لنا صديقنا پرپساسكال ـ عفا الله عنه ـ كان خشنا يشبه