إلى حد بعيد (التخت) الذي يستعمله المشعوذون والدجالون فيما يأتون من خوارق!! ولكن الليلة على أي حال سأنام ملء عيني لا يعكر صفوي شيء ..
ولقد أرشدتني بنات مدام پرتيه اللطيفات إلى جميع مرافق الدار قبل أن أذهب إلى غرفتنا وأستغرق في نومي العميق!
عمارة القنصلية الفرنسية صنعت بأيدي العمال البلديين كأي دار من الدور الأخرى لا يميّزها شيء لأنها بنيت لسكنى عائلة منهم وليس لاتخاذها دارا للقنصلية .. ولغرفها مشارف ذات شبابيك صنعت من الزجاج الموزاييك على أحجام مختلفة كل قسم منها مؤطر بإطار من خشب صغير .. ولها ستائر كبيرة بيض وحمر تستخدم في منع أشعة الشمس من الدخول إلى الغرفة في وقت الظهيرة التي يشتد بها قيظ الجو!
ولقد اضطر أهالي بغداد إلى إنشاء مساكنهم بشكل خاص يستطيعون به أن يقوا أنفسهم من تقلبات المناخ بين الصيف الذي تشتد فيه الحرارة بدرجة لا تطاق والشتاء الذي يبرد فيه الجو حتى لتحس أن أعضاءك على وشك التجمد!! ففيها على هذا الأساس أربعة أقسام لكل فصل قسم خاص به ينتقلون إليه عند ما يحل.
ففي أسفل المنازل تحت الأرض حجر واسعة مسقفة يصل عمقها إلى ثلاثة أمتار أو أربعة تسمى بالسراديب! وهذه الحجر العجيبة تستخدم في فصل الصيف وينتقل إليها جميع أثاث المنزل لأنها لو تركت في الطبقات العليا من المنزل فإن الأرضة لم تدع شيئا منها وتحيلها إلى تراب (١) ..
وهذه السراديب تحوي منافذ للهواء طويلة تعمل على تلطيف الجو. ويقضي أهالي بغداد عادة وقت الظهيرة فيها وعندما يحين العصر يخرجون منها وأنفاسهم ضائقة إلى سطوح المنازل لاستنشاق الهواء الذي لا يقل عمّا كان في تلك الحجر .. ذلك لأن الجو لا يتلطف ولا يتغير في بغداد على رغم جنوح الشمس إلى الغروب واختفائها وراء الأفق ـ أي على عكس ما هو في إيران.
__________________
(١) هذا من أوهام الخيال التي سجلتها المدام ديولافوا. «المترجم»