يقع تحت حصر وعد (١) وأن تعداد نفوسها كان كبيرا بحيث إنه سار خلف جنازة الإمام ابن حنبل عند وفاته وهو أحد رؤوس المذاهب الدينية الأربعة مليون (٢) نسمة ، وان اضطر ثلاثة (٣) من الخلفاء أن ينقلوا عاصمة ملكهم إلى مدينة أخرى تسمى «سامراء» تبتعد عن بغداد بحدود (٦٠) كيلومترا بسبب الازدحام الذي كان يتضاعف فيه ويضيق الجميع بما كان يحدث من هرج ومرج.
ولكن .. أخيرا عندما حدثت الحروب الداخلية وهدمت مدينة سلوقية (كذا) ضعفت الحكومة المركزية ووهنت سلطة الخلفاء حتى إذا كانت سنة (٩٤٩) م (الصحيح ٩٤٥ م ٣٣٤ ه) حاصر سلاطين آل بوبه بغداد. كما أن السلاطين السلجوقيين حاصروها ودخلوها ظافرين بعدئذ إلّا أن بغداد لم تلاق من المصاعب ولم تمتحن بنوب كما حدث في سنة ١٢٥٧ م لها. إذ في هذا التاريخ دخل هولاكو حفيد چنكيز خان المغولي عاصمة المسلمين وأباح جنده السلب والنهب ، وقتل في هذه الأثناء الخليفة مع ثمانية آلاف شخص (كذا) من سكنة هذه المدينة التاريخية المجيدة. وفي سنة ١٣٩٢ م (٧٩٥ ه) استهدفت بغداد لحملة عسكرية أخرى قام بها تيمور لنك وفي هذه الحملة هدمت جميع آثار العباسيين (٤) ، وأقيم مكانها هرم من جماجم وجثث قتلى المدينة الذين كانوا ألوفا ومئات ألوف. وبعد وفاة هذا الفاتح الذي كان سنة ١٤٠٦ تملمت بغداد تنفض عنها غبار السنين وبدأت بترميم حيطانها المهدمة وإنشاء مرافق جديدة لها. ولكن هذا العهد السعيد ـ نسبيّا ـ لم يطل كثيرا حتى كان أن تدخلت في أمورها أسر قراقوئينلو وآق قوئينلو وأخذت تصرفها كما تبتغي
__________________
(١) لا شك بأن ذلك من المبالغات المفرطة.
(٢) وهذا أيضا من المبالغات والصحيح أن أكثر أهل بغداد خرجوا لتشييع جنازة الإمام أحمد بن حنبل وكان أكثر أهل بغداد من الحنابلة. «المترجم»
(٣) لا بل أكثر من ثلاثة وهم من المعتصم إلى المعتمد على الله. «المترجم»
(٤) وهذه من المبالغات أيضا فالمدرسة المسنتصرية ودار المسناة «القصر العباسي الحالي» وسور بغداد بأبوابه وبروجه الضخمة وجامع قمرية من الآثار العباسية التي لا تزال قائمة إلى اليوم. «المترجم»