يحدث أن يتفق هؤلاء الزعماء والحكام مع شيوخ القبائل على وضع قوافل تلك الجيوش في أمكنة خاصة أو تسييرها من محلات معينة حيث ينصب لها الكمين ليسهل على أفراد تلك القبائل مهاجمة الجند وسلبهم ونهبهم ، ومن الطبيعي أن للضباط الكبار أولئك نصيبا من المواد المسلوبة!!
ولقد حصلت إحدى القبائل المعروفة باسم «ضماوند» (١) على ثروة كبيرة عن هذه الطريق! وتعداد عوائل هذه القبيلة لا يتجاوز المائتين وإنها ما زالت منشقة وعاصية على الحكومة المركزية منذ خمسين سنة ، ومهما حاولت الحكومة إخضاعها لم تستطع حتى أبدت في النهاية عجزها واعترفت بالأمر الواقع! وتركت الحبل على الغارب!
وعلى الرغم من أن الضباط الترك هم خريجو مدارسنا الحربية في فرنسا وطالما يفتخرون بحبهم للوطن وإخلاصهم للشعب فهم يدفعون قبيلة شمر إلى العصيان والخروج عن القانون ، لا لشيء سوى تجييش الجيوش إليها وأن يكونوا هم على رأسها ويحصلوا على ثروات أو مجد بهذه الطريقة وإن كان يتم على حساب قتل عدد كبير من الجند أو أفراد تلك القبيلة!
هذه هي أوضاع تركيا التي أخذت بمدنية الغرب. والحق يقال إنه كان لأبنائها الطيبين خصلة حميدة واحدة وهي احتفاظهم بالصداقة والاهتمام بها ، ولكن اليوم فقدت العادات الحسنة ، حتى هذه الخصلة عند أبناء الترك الذين يدرسون أو يعيشون عندنا في أوروبا. وبمجرد أن ارتدوا الملابس العسكرية أخذوا في السلوك غير المرضي والارتشاء والتزوير وما شابه ذلك ، وهؤلاء الضيوف الذين يختلفون إلينا هنا في منزل القنصل ويبدون عطفا وتوددا ويحتسون كؤوس الشمبانيا ويأكلون لحم الخنزير والطعام الذي يطبخ بأيد غير مسلمة مما حرمته قوانين نبي الإسلام على أتباعه ـ ما هم في الواقع إلّا مخادعون وكذابون في عواطفهم وإحساساتهم ولو لا خوفهم من الجزاء والعقوبات ما توانوا لحظة واحدة في قتل الأوروبيين الذين يزورون بلادهم.
__________________
(١) الصواب «هماوند» أي القبيلة الكردية المشهورة. «المترجم»