يحمل الأتراك في طوايا قلوبهم حقدا دفينا للنصارى ويكرهونهم كرها شديدا (١) ذلك لأنهم يعدوننا كفارا وخارجين عن كتاب الله وسنته فيجب الحذر منهم والابتعاد عنهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا! ثم لأننا نريد أن نغير عاداتهم وتقاليدهم الشرقية بما نلقنهم من ثقافة وعلم ، وخلاصة القول أنهم يعدون معلميهم ومربيهم الأوروبيين أحقر وأقذر من الكلاب السائبة!
والواقع أن ثمة أسبابا كثيرة تعمل على انهيار الامبراطورية العثمانية يوما بعد آخر وانحطاط مجتمعها ومنها عادة تعدّد الزوجات (٢) التي يأخذ بها الأهالي جميعا ثم اعتقاد القضاء والقدر اعتقادا راسخا. ولكن على العكس أرى أبناء الطائفة الشيعية معتدلين في سلوكهم وسيرتهم ، فطائفتهم تؤمن بجانب سلطة القضاء المعمى باختيار الإنسان وأثره فيما يأتيه من أعمال.
ولقد أثّرت عادة تعدد الزوجات عند الترك في روحيتهم ونفسيتهم وأخلاقهم إلى حد بعيد وخلقت مشكلات متعددة في مجتمعهم. والواقع أن هذه العادة موروثة من القديم وأن الإسلام سمح بها تحت شروط معينة إذ ينبغي للرجل في مثل هذه الحالة أن يسكن كل امرأة يقترن بها في منزل خاص بها ويعامل كلّا منهن معاملة مساوية معتدلة دون أن يفضل واحدة على أخرى.
وتقتضي ـ من الطبيعي ـ إدارة تلك المنازل المتعددة وإجابة طلبات وحاجات النساء المتجددة وما يحدث بين الضرائر من تحاسد وتنافس وحقد ، جهدا كبيرا يجب على الزوج المسكين أن يبذله ، كما يلزمه أن يقوم بأعمال كثيرة وأن لا يتورع حتى عن المسائل غير المشروعة لكي يستطيع أن يسد نفقاته المتزايدة .. لذلك ترى الرجل التركي منهوك القوى خائر الأعصاب ذاهلا .. يتألم من حياته وتخيم عليه سحابة الحزن والأسى والشؤم. وفي كثير من الأحيان يفلس ويتعرض لأزمات مالية خانقة تشرد عائلته أو عوائله وينتهي بنهاية مؤلمة حزينة!
__________________
(١) وهذا أيضا من خيالات الكاتبة الرحّالة. «المترجم»
(٢) من الطبيعي أن تعيب المرأة التعدد. «المترجم»