والأعجب هو أن الوزراء والحكام وزعماء الدين أنفسهم يشجعون هذا الأمر لكي ينتهوا إلى نهايته المؤلمة ويتاح لهم بعدئذ الاستيلاء على ما يملكون بسهولة ويسر إن كانوا من أصحاب الأطيان والثروات. أما من عداهم فقلّما يقدمون على الزواج بأكثر من امرأة أو اثنتين على أبعد احتمال! ومن الغرائب الأخرى في هذه البلاد أن رؤساء الدوائر المالية والضباط ومن يحكمون في القرى البعيدة يضاربون بأموال الدولة في صفقات تجارية أو يشغلونها في أعمال غير مشروعة. والخدم والحشم من جهة ثانية لا يتورعون عن خيانة ساداتهم! والتجار والكسبة يغشون المشترين وهكذا فقس الأمور والأحوال!!
وفي رأي زوجي الذي يبالغ في آرائه بعض الشيء ، أن دور النساء في حريم الأتراك لا يختلف عن دور الجياد التي يحتفظ بها السراة والمثرون في الاصطبلات للمباهاة والمفاخرة! وبخلاف ما يعتقد الناس لا يكون عدد هؤلاء النساء مرتبطا بقدر شهوة زوجهن بل هو مرتبط بقدر ما يريد الشخص من إبداء علو مقامه والبرهان على سعة يده وثروته!!
وإيمانهم بالقضاء والقدر لم يكن أقل أثرا من عادة تعدّد الزوجات في حياتهم المضطربة. فالسنة بنتيجة اعتقادهم بالجبرية والقدرية اعتقادا مطلقا صاروا ناسا كسالى متوانين وتركوا جميع أشياءهم في كف القدر والخطر وهم يقولون : «إنا نحارب الأمراض السارية والآفات المقدرة علينا؟ لما يجب أن نجاهد للقضاء على صعوبة الحياة ومشاقها؟ ألم تكن قدرة الإنسان جزءا من وجوده وكيانه»؟!
ومن الطبيعي أن الإنسان لا يميل إلى الأخذ بهذه العقائد ويسلمها تسليما أعمى إلّا أمثال أولئك الترك الجهلة منهم ..
ولقد علمت أن المسلمين المتعصبين وذوي الإيمان الصادق يخالفون هذه العقائد الخطرة ويدعون إلى محاربتها والقضاء عليها ويجعلون حدّا يسيرا بين القدرة والجبر ويعترفون بوجود بعض الحالات التي تقف دونها قدرة الإنسان وأن الاختيار لا يقع في مكنته فيها!!
وكما أن قطعة الحديد تقل صلابتها بأثر طرقها المتواصل بالمطرقة