وتعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة ، وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة ، فقال : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (١) فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال جلّ وتعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) فكانت له خاصة فقلّدها ـ صلىاللهعليهوآله ـ عليا ـ عليهالسلام ـ بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريته الأصفياء الّذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) (٣) فهي في ولد عليّ ـ عليهالسلام ـ خاصة إلى يوم القيامة ، إذ لا نبيّ بعد محمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ فمن أين يختار هؤلاء الجهال؟!
إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء ، وارث الأوصياء ، إنّ الإمامة خلافة الله ، وخلافة الرسول ، ومقام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ وميراث الحسن والحسين ـ عليهماالسلام ـ إنّ الإمامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعزّ المؤمنين ، إن الإمامة اس الإسلام النامي ، وفرعه السامي (٤) ، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ، وتوفير الفيء والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف ، الإمام يحلّ حلال الله ويحرّم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذب عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة
__________________
(١) الأنبياء : ٧٢.
(٢) آل عمران : ٦٨.
(٣) الروم : ٥٦.
(٤) أي العالي.