وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) وقوله تعالى : (وَادْخُلِي جَنَّتِي) وقوله تعالى : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) ؛ لأنّ الظاهر الأمر بدخول الجنّة بعد موتهم لا يوم القيامة ، بل قوله تعالى : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) صريح في أنّه في البرزخ لقوله تعالى : (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ).
كما أنّ بعض الآيات الكريمة ظاهرة في المطلب ، وإن لم يذكر فيها لفظ الجنّة من أجل أنّ الرزق بكرة وعشيا ليس من صفات الجنّة الاصليّة ؛ لأن النعم فيها دائميّة ، ولا بكرة فيها ، ولا عشي ، لعدم الشمس وقتئذ كما يأتي إن شاء الله تعالى أنّ (فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) و «أنّ أُكُلُها دائِمٌ» وأنّ فواكهها (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) و «لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ و يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ» و (يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) انتهى موضع الحاجة (١).
أقول : وقد دلّ بعض الآيات على أنّ الكفار كآل فرعون أيضا لهم حياة برزخية ، ويعذّبون فيها بكرة وعشيا ، فلا تختصّ الحياة البرزخية بالمؤمنين ، هذا مضافا إلى تواتر الأخبار بوجود الحياة البرزخية ، كالروايات الدالّة على السؤال في القبر وضغطة القبر والروايات الدالّة على أنّ القبر ، أمّا روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النيران ، والروايات الدالّة على أنّ الأموات بعد قبض الروح يتلاقون ، ويتعارفون ويتساءلون ، كما عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : «إذا مات الميت اجتمعوا عنده فاسألوه عمّن مضى وعمّن بقي ، فإن كان مات ولم يرد عليهم ، قالوا : قد هوى هوى ، ويقول بعضهم : دعوه حتى يسكن ممّا مرّ عليه من الموت» (٢).
__________________
(١) رسالة في المعاد : ج ٢ ص ٢ للعلّامة الحاج الشيخ ميرزا علي الاحمدي مد ظله وهي مخطوطة.
(٢) رسالة في المعاد : ج ١ ص ٤٤ نقلا عن الوافي : ج ٣ ص ٩٨ أبواب ما بعد الموت باب ١١٠.