الْمَوْتى» فقال الله له : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فأخذ إبراهيم ـ صلوات الله عليه ـ الطاوس والديك والحمام والغراب ، قال الله عزوجل : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) أي قطعهن ثم أخلط لحماتهن (لحمهن ـ خ ل) وفرّقها على كلّ عشرة جبال ، ثم خذ مناقيرهن وادعهن يأتينك سعيا ، ففعل إبراهيم ذلك وفرّقهن على عشرة جبال ثم دعاهن فقال : أجيبيني بإذن الله تعالى ، فكانت يجتمع ويتألف لحم كلّ واحد ، وعظمه إلى رأسه ، وطارت إلى إبراهيم ، فعند ذلك قال إبراهيم : (أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١) قال العلّامة المجلسي ـ قدسسره ـ : «تلك الأخبار تدلّ على أنّه تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الآكل ، ويعود في الحشر إلى بدن المأكول كما أخرج تلك الأجزاء المختلطة والأعضاء الممتزجة من تلك الطيور وميّز بينها» (٢).
وروي عن هشام بن الحكم أنّه قال الزنديق للصادق ـ عليهالسلام ـ : «أنّى للروح بالبعث والبدن قد بلي والأعضاء قد تفرّقت؟ فعضو في بلدة تأكلها سباعها ، وعضو باخرى تمزّقه هوامها ، وعضو قد صار ترابا ، بني به مع الطين حائط قال : إنّ الذي أنشأه من غير شيء وصوّره على غير مثال كان سبق إليه ، قادر أن يعيده كما بدأه ، قال : أوضح لي ذلك ، قال : إنّ الروح مقيمة في مكانها : روح المحسنين في ضياء وفسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا منه خلق (وفي المصدر : كما منه خلق) وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها ، فما أكلته ومزقته كلّ ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ، ويعلم عدد الأشياء ووزنها ، وأنّ تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب ، فإذا كان حين البعث مطرت
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٧ ص ٣٦ ـ ٣٧.
(٢) بحار الأنوار : ج ٧ ص ٣٧