رجسا ورجزا ، فهم معصومون من كلّ ذنب سواء كان عمليّا أو اعتقاديّا أو اخلاقيّا ، فإنّ الرجس يعمّ كلّ ذلك.
قال في الميزان : والرجس بالكسر ، فالسكون صفة من الرجاسة وهي القذارة ، والقذارة هيئة في الشيء توجب التجنّب والتنفّر منها ، وتكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير قال تعالى : (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (١) وبحسب باطنه وهو الرجاسة والقذارة المعنويّة كالشرك والكفر ، واثر العمل السيّئ قال تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) (٢) وقال : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٣).
وأيّا ما كان فهو إدراك نفسانيّ وأثر شعوريّ من تعلّق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيّئ.
وإذهاب الرجس (واللام فيه للجنس) إزالة كلّ هيئة خبيثة في النفس تخطئ حق الاعتقاد والعمل ، فتنطبق على العصمة الإلهية الّتي هي صورة علميّة نفسانيّة تحفظ الإنسان من باطل الاعتقاد وسيّيء العمل ـ إلى أن قال ـ : فمن المتعين حمل إذهاب الرجس في الآية على العصمة ، ويكون المراد بالتطهير في قوله : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ـ وقد أكّد بالمصدر ـ إزالة أثر الرجس بإيراده ما يقابله بعد إذهاب أصله ، ومن المعلوم أنّ ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحقّ ، فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحقّ في الاعتقاد والعمل ـ إلى أن قال ـ : والمعنى أنّ الله سبحانه تستمر إرادته أن يخصّكم بموهبة العصمة بإذهاب الاعتقاد الباطل ، وأثر العمل السيّئ عنكم أهل البيت ، وإيراد ما يزيل أثر ذلك
__________________
(١) الانعام : ١٤٥.
(٢) التوبة : ١٢٥.
(٣) الانعام : ١٢٥.