المقطع الرابع من الحديث الشريف : وإنّ الله أخفى ( خبأ ) إجابته في دعاءه فلا تستصغرنّ شيئاً من دعائه ، فلربّما وافق إجابته وأنت لا تعلم .
الله سبحانه وتعالى كريم ، وخزائنه لا تنفد « ولا تزيده كثرة العطاء إلّا جوداً وكرما » وقد أمر عباده بالدعاء بقوله « ادعوني استجب لكم » وأحبّ أن يسأل فيستجيب ، وكرّه المسألة إلى المخلوقين وحبّبها إلى نفسه ، وبما أنّ الإنسان فقير ومحتاج إلى الله عزّ وجل حتى مع عدم احتياجه إلى الأموال فهو محتاج في أصل وجوده إلى الله عزّ وجل لإنّ قوام الإنسان وكل مخلوق بالله عزّ وجل في دعاء الجوشن الكبير : « يا من كل موجود قائم به » إذن هو محتاج في كل الحالات إلى الله عزّ وجل في حالة فنائه وفي حالة فقره في حالة صحته وفي حالة مرضه لأن الفقر ملازم له ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) (١) .
قصة : سمعت من أحد أعلام المنبر وهو ينقل هذه القصة الواقعية التي حدثت لأحد تجار طهران قبل سنين ، وقد أقبل إليه ذات يوم فقير وطلب منه فنهره بشدّة ، الله عزّ وجل يقول في القرآن ( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ) ، هذا التاجر لم يعطه ونهره ، فقال لافقير بانكسار أما تخاف من الله أن يجعلك مثلي ، فقال مستهزءاً به كون يفكّر سبع سنوات حتى يجعلني مثلك ! حقاً كما ذكر الله عزّ وجل في القرآن ( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ) (٢) . الله عزّ وجل يمهل العبد ولكنّ العبد إذا يعرّض للسخط الإلهي يؤدّبه بالعقوبة ولذلك ورد في دعاء أب حمزة الثمالي « إلهي لا تؤدبني بعقوبتك ولا تمكر بي في حيلتك » ينقل هذا الخطيب وكان عند هذا التاجر ولد له صدقاة مع ابن الملك الحاكم آنذاك ، وفي ذلك اليوم خرجا إلى الصيد ، وفي تلك اللحظة التي تكلّم التاجر بذلك الكلام وبينما كان يريد الصيد
______________________
(١) سورة فاطر : الآية ١٥ .
(٢) سورة العلق : الآية ٦ ـ ٧ .