وكان يدعو كثيراً فيقول : « اللهم إنّي أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب » ويكرر ذلك (١) .
وحدّث هشام بن أحمر كنت أسير مع أبي الحسن في بعض طرق المدينة إذ ثنى رجله عن دابته فخرّ ساجداً فأطال وأطال ، ثم رفع رأسه وركب دابته ، فقلت جعلت فداك قد أطلت السجود ؟ فقال إنّي ذكرت نعمة أنعم الله بها عليّ ، فأحببت أن اشكر ربي (٢) .
وكان عليهالسلام يبكي من خشية الله حتى تخضل كريمته الشريفة من دموع عينيه (٣) ، ولكثرة سجوده فقد كان له غلام يقص اللحم من جبينه ، وعرنين أنفه فقد نظم بعض الشعراء ذلك بقوله :
طالت لطول سجود منه ثفنته |
|
فقرّحت جبهة منه وعرنينا |
رأى فراغته في السجن منيته |
|
ونعمة شكر الباري بها حببنا |
* * *
وكان عليهالسلام أحسن الناس صوتاً بالقرآن ، فكان إذا قرأ يحزن ويبكي السامعون لتلاوته . ويروى أنّ الرشيد كان يشرف على الحبس الذي هو فيه فيراه ساجداً فيقول للربيع : ما ذلك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع ؟ فيخبره أنّه ليس بثوب ، وإنما هو موسى بن جعفر ، له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى الزوال ، فقال هارون : أما إنّ هذا من رهبان بني هاشم (٤) .
______________________
(١) كشف الغمة : ٢٤٧ .
(٢) بحار الأنوار ٤٨ : ٢٦٦ .
(٣) كشف الغمة : ٢٤٧ .
(٤) أعيان الشيعة ٤ ق ٣ / ٤٢ .