وقد نفدت نفقتي ، وما معي ما أبلغ مرحلة ، فان رأيت ان تهيئني إلى بلدي ولله عليّ نعمة ، فإذا بلغت بلدي تصدّقت بالذي توليني عنك ، فلست موضع صدقة ، فقام عليهالسلام فدخل الحجرة ثم خرج وردّ الباب وأخرج يده من أعلى الباب فقال : خذ هذه الدنانير فاستعن بها في أُمورك ونفقتك ولا تتصدق بها عني ، اخرج لا اراك ولا تراني .
فلما مضى الرجل الخراساني وسألوا الامام الرضا عليهالسلام عن سبب احتجابه عنه فقال : مخافة ان أرىٰ ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته ، أما سمعت حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله المتستر بالحسنة تعدل سبعين حجة ، والمذيع بالسيئة مخذول ، والمتستر بها مغفور أما سمعت قول الأمال :
متى آته يوماً اطالب حاجة |
|
رجعت إلى اهلي ووجهي بمائهِ (١) |
* * *
٤ ـ عبادته : وكان عليهالسلام منقطعاً إلى الله عزّ وجل بعبادته من صلاة وذكر وقراءة قرآن وغيرها وقد وصفه الرجاء بن أبي الضحاك وذلك لمّا بعثه المأمون لأشخاص الرضا عليهالسلام قال : « فو الله ما رأيتُ رجلاً كان أتقى للهِ منه ، ولا أكثر ذكراً لله في جميع أوقاته منه ولا أشد خوفاً لله عزّ وجل منه ، كان إذا أصبح صلّى الغداة فإذا سلّم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبّره ويهلله ، ويصلّي على النبي صلىاللهعليهوآله حتى تطلع الشمس ، ثم يسجد سجدة يبقى فيها حتى يتعالى النهار ، ثم أقبل على الناس يحدثهم ويعظهم إلى قرب الزوال ثم جدّد وضوءه وعاد إلى مصلاه ... » (٢) .
______________________
(١) ائمتنا ، علي محمد علي دخيل نقلاً عن المناقب ٢ / ٤١٢ .
(٢) أعيان الشيعة ٤ ق ٣ / ٨٧ .