تدبيرهما الأُمور ، وقد ظهر ذلك لهما ، فأخذا يختلقان على الامام اشياء توجب نفرة المأمون منه ، وخوفاه عاقبة احترامه وذكر فضله والثناء عليه أمام العامة وما زالا على ذلك حتى أوغرا عليه قلبه فعزم على الفتك به .
شهادة الإمام عليهالسلام :
قال هرثمة بن أعين دعاني سيدي علي بن موسى الرضا عليهالسلام فلما حضرت عنده قال لي هذا أوان رحيلي إلى الله تعالى ولحوقي بجدي وآبائي عليهمالسلام وقد بلغ الكتاب أجله وإن هذا الطاغي قد عزم على سمّي في عنب ورمان مفروك ، أما العنب فانه يغمس السلك في السم ويجذب الخيط في العنب ، وأما الرمان فانه يصنع السم في كف بعض غلمانه فيفرك الرمان بيده وسيدعوني إليه ويسئلني اكلهما فإذا اكلتهما نفذ القضاء وجرى المحتوم ... (١) .
وفي حديث عن أبي الصلت الهروي قال اخبرني الامام الرضا عليهالسلام بأنّ في يوم غد يستدعيه الطاغية المأمون فإذا خرجت من المأمون وأنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني ، اعرف أنا مسموم وإلّا فلا . يقول ابو الصلت ولمّا صار اليوم الثاني استدعاه المأمون وقام إليه قيام الحيلة والمكر وأخذ يحدّثه ثم قدّم إليه العنب المسموم والرمان ، فقال له الامام اعفنا فقال أتتهمنا .
أقول : في تلك الساعة الإمام يخيّر بين البقاء في الدنيا أو لقاء ربّه فيختار لقاء ربه لمعرفته ان دوره انتهى ويأتي دور الامام من بعده ، قال ابو الصلت وخرج إمامنا الرضا عليهالسلام وهو مغطّى الرأس فلم أكلّمه إلى أن أمر بسد الأبواب ونام على فراشه يتقلّب من حرارة السم ، وبينا انا واقف وإذا بشاب حسن الوجه اشبه الناس
______________________
(١) وفاة الإمام الرضا ( للمقرم ) : ٤٥ .