وقتل المعتز كثيراً ممن امتنع عن بيعته مثل ابن مجاهد والي شمشاط وبعد ذلك جهّز جيشاً لقتل المستعين الذي سلّم إليه الخلافة .
قال ابن كثير : في شوال عام ( ٢٥٢ هـ ) كتب المعتز إلى نائبه محمد بن عبد الله بن طاهر يأمره بتجهيز جيش نحو المستعين ، فجهّز أحمد بن طولون التركي ، فوافاه ، فأخرجه لست من رمضان ( ٦ رمضان ) فقدم به القاطول ، لثلاث مضين من شوال ، ثم قتل ، فقيل ضرب حتى مات ، بل وقيل غرق في دَجييل ، وقيل بل ضربت عنقه .
وقد ذكر ابن جرير : أن المستعين سأل سعيد بن صالح التركي حين أراد قتله : أن يمهله حتى يصلّي ركعتين فأمهله ، فلمّا كان في السجدة الأخيرة قتله وهو ساجد ، ودفن جثته في مكان صلاته ، وأخفى أثره ، وحمل رأسه إلى المعتز ، فدخل به عليه وهو يلعب بالشطرنج ، فقيل هذا رأس المخلوع ، فقال ضعوه حتى أفرغ من الدست ، فلمّا فرغ ، نظر إليه وأمر بدفنه ، ثم أمر لسعيد بن صالح الذي قتله بخمسين ألف درهم ، وولّاه معونة البصرة (١) .
قال ابن واضح الأخباري : لقد كثرت الاضطرابات في زمان المعتز ، وتأخرت أموال البلدان ونقد ما في بيوت الأموال ، فوثب الأتراك يكرخ سر من رأى ، فخرج إليهم وصيف ليسكنهم ، فرموه وقتلوه وحزّوا رأسه عام ( ٢٥٣ هـ ) ، وتفرّد بغا بالتدبير ثم تحرك صالح بن وصيف واجتمع إليه أصحاب أبيه فصار في منزله ، وضعف أمر المعتز حتى لم يكن لهم أمر ولا نهي ، وانتقضت الأطراف ، وخرج بديار ربيعة رجل من الشراة يقال له مساور بن عبد الحميد ويعرف بأبي صالح من بني شيبان ، ثم صار إلى الموصل فطرد عاملها وسار حتى
______________________
(١) البداية والنهاية ١١ : ١١ .