فان العاقل لا يقدم على الرواية عن شخص يعتقد بضعفه ، انه عمل سفهي لا نرى له وجها.
وهذه نقطة مهمة جديرة بالوقوف والتأمل الطويل عندها ، فانه لو قبلنا بكون اكثار الثقة الرواية دليلا على الوثاقة فسوف تثبت وثاقة كثير من الرواة ويخرجون بذلك من حال الجهالة إلى حال الوثاقة.
وعلى سبيل المثال نذكر «محمد بن اسماعيل» ، فان الكليني قد أكثر الرواية عن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان. وقد وقع الكلام في المقصود من محمد بن اسماعيل ، انه لا يمكن ان يكون محمد بن اسماعيل بن بزيع الثقة الجليل لانه من أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام وانى يمكن للكليني الرواية عنه فيتعين ان يكون المقصود غيره ، وحيث ان الغير لم تثبت وثاقته فتسقط روايات الكليني المذكورة عن الاعتبار بالرغم من كثرتها.
بينما لو قبلنا الرأي المتقدم وقلنا ليس من المناسب للكليني اكثار الرواية عن شخص يعتقد بضعفه خصوصا وهو يودع تلك الروايات في كتابه الذي كتبه لتعمل به الأجيال. ان العاقل لا يرضى بايداع الروايات الضعيفة في كتابه فكيف إذا خطّط لكتابه منذ البداية ليكون مرجعا للأجيال ، انه إذا قبلنا الرأي المتقدم فسوف تثبت وثاقة محمد بن اسماعيل.
ومما يدعم ما نقول اننا إذا رجعنا إلى الكتب الرجالية لرأينا ان الرواية عن الضعفاء كانت عندهم من الامور القادحة في الشخص ، ولذا نجدهم ينبهون في ترجمة بعض الرواة بانه يروي عن الضعفاء كما ورد في ترجمة العياشي