لا نبثّ شكوىً ولا نستعطف أحداً ولا نحمّل غيرنا الفكرة والرؤية عنوةً ، ولسنا بصددها هنا ، فآل بيت المصطفى (عليهم السلام) ـ تأريخاً وسيرةً وعطاءً وتجسيداً لقيم السماء ـ كالشمس في رابعة النهار ، بل أبزغ وأسنى ، حيث لا اُفول لمكانتهم الشامخة وتعالميهم الرائدة .. ولسنا أيضاً في مقام تناول التيّار السلفي التكفيري بالنقد والتحليل ، فأمره كان ولا زال واضحاً ويزيده الله تبارك وتعالى يوماً بعد آخر فضيحةً وهزيمة ..
إنّما ننطلق في إشارتنا لهذه الجريمة من زاوية التراث ، فهو القاسم المشترك ونقطة الالتقاء مع سائر الحضارات والثقافات والأديان ، وقد حظى بعناية واحترام الكلّ بالإجماع ..
نعم ، إنّه ضمير الأُمّة ، المرآة التي ترى فيه الاُمّة تحقّق الممكن .. والمتمسّكون بالتراث لا يتمسّكون به لمجرّد أنّه تراث الآباء والأجداد ، بل لأ نّهم يقرءُون فيه ما ينبغي أن يكون ; إنّه قراءة للمستقبل في صورة الماضي ..
وليس التراث في الوعي المعاصر قطعة عزيزة من التأريخ فحسب ، ولكنّه دعامة من دعامات وجودنا وأثر فاعل في مكوّنات وعينا الراهن ، وأثره قد لا يبدو للوهلة الاُولى بيّناً لكنّه يعمل فينا في خفاء ويؤثّر في تصوّراتنا ..
وتراثنا الإسلامي قد سلّم به قسم كبير من العالم منذ أكثر من ألف عام واستطاع أن يزوّد الإنسانية بحضارة حقيقية وعلم صحيح ورجال