يقول علي حرب : يتجدّد الفكر ممّا يستبعده أصحاب النظريّات الشاملة والأنساق المحكمة والأفكار الجوهرانيّة والماهيّات المحضة .. إنّه يغتني ويتوسّع بالاشتغال على العرضي المهمل بإسم الجوهري ، أو على اللامعقول المنفي في نظر العقل ، أو على الآخر المستبعَد بإسم الهويّة ، أو على المختلف المنبوذ بإسم الوحدة ، أو على الفرع المنتقَص من قبل الأصل ، أو على الشواذّ المقموع بموجب القاعدة ، أو على الهوامات القابعة وراء المفهوم ، أو على العيوب والنواقص التي يتستّر عليها النموذج لكي يغدو نموذجاً ومثالاً ..
بهذا المعنى يتجدّد الفكر بتجاوز تلك المقولات والثنائيّات الفكريّة التي يشتغل بها المثقّفون والمنظّرون ، كالغزو الثقافي وتصادم الحضارات والصراع بين الاشتراكيّة والرأسماليّة ، أو المفاضلة بين النموذج الإسلامي والنموذج الغربي ، ولاسيّما أنّنا دخلنا في عصر يزداد فيه العالم عولمة ، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي والإعلامي ..
يقول نصر حامد أبو زيد : إنّ التجديد ليس حالة فكريّة طارئة ، بل هو الفكر ذاته في تجاوبه مع الاُصول التي ينبع منها ويتجاوب معها بوسائله الخاصّة .. ما ليس تجديداً في مجال الفكر فهو «ترديد» وتكرار لما سبق قوله ، وليس هذا الترديد من الفكر في شيء ، ولا يمتّ إلى الفكر بأدنى صلة من قريب أو بعيد .. وبما أنّ قانون الحياة الطبيعيّة والاجتماعيّة هو التغيّر في كلّ شيء ، سواء كان ذلك التغيّر مُدْرَكاً وملحوظاً أو لم يكن ،