تصفية لا معقولاته فلا يحسن سوى تلغيم عقله ..
ويردف قائلاً : ليست العقلانيّة تأسيساً ديكارتيّاً للوجود ، ولا هي مماهاة هيغليّة مع الواقع ، بقدر ما هي استراتيجيّة معرفيّة أو سياسيّة أو مؤسّسيّة لمواجهة المجهول والخفيّ واللامفهوم ، أو لمجابهة المفاجئ والشاذّ والخطر .. فالعالم ـ قصدت عالم الإنسان ـ يولّد دوماً السحر والاُسطورة والقداسة ، وينتج البربريّة والفوضى والاحتكار ، احتكار السلطات والمشروعيّات والثروات .. من هنا فالعقل هو مجرّد رادع غير محبّب ، والعقلانيّة ليست أكثر من قيد هو أشبه بالشرّ الذي لابدّ منه .. إنّها بالأحرى رهان فكري أو سلطوي لضبط الكثرات المحسوسة أو السيرورات اللامتناهيّة أو الفوضى المشتّتة أو التجارب الكثيفة أو الجموع الحاشدة أو الاختلافات الوحشيّة ..
يقول محمّد عمارة : على تحديد المراد من «العقل» يتحدّد المراد من العقلانيّة ; إذ هناك عقلانيّة التنوير الغربي وشعارها : «لا سلطان على العقل إلاّ للعقل» وهي بذلك تنفي وتنكر ـ بل وتستنكر ـ سلطان «الوحي» على عقلانيّة الإنسان ، وترى في «العقل» و «التجربة» سبيلي المعرفة المؤتمنين على تحصيل المعارف التي تستحقّ الاحترام ... بينما هناك «العقلانيّة المؤمنة» التي تبلورت في علم التوحيد ـ الكلام ـ الإسلامي ، لتقرير الدين وليس لنقضه ... وهي التي تقرن «النقل» بـ «العقل» وتحكم «العقل» بـ «النقل» إيماناً منها بأنّ العقل هو ملكة إنسان