تطوّر متواصل فليس بالإمكان الحديث عن قيمة كلّيّة ونهائيّة للعلم ، وفي هذه النقطة بالذات تظهر الفلسفات التقليديّة بعيدة تمام البعد عن القدرة على استيعاب الفكر العلمي في جدّته ..
* * *
نقول : تعجّ الفضاءات العلميّة المعرّفيّة العَقَديّة الثقافيّة بهذه البحوث التي نقلنا بعض ما قيل فيها .. إلاّ أنّ بحث «العقلانيّة» يبقى الأكثر مساحةً والأوسع اُفقاً والأشدّ ابتلاءً والأهمّ حاجةً ، من بينها ، في عصرنا الراهن .. لذا نشير إليه خاطفاً بما يلي :
لا تأتي «العقلانيّة» من مساحات الفراغ أو دهاليز السجايا والخصال الذاتيّة ، فما ينتجه الفراغ ليس إلاّ فراغاً ، وما يترشّح من دهاليز السجايا والخصال الذاتيّة ليس إلاّ نتاجاً مترفاً بلا أدنى جهد ومراجعة وحفر ومقارنة واستقراء ..
ولا تنبعث العقلانيّة من أرحام الظلم والاستبداد والترويع والتعالي والتقوقع والانعزاليّة والجهل والتعصّب ; إذ الشواذّ والمشوّهون والمنحرفون والجناة والمضطربون والحاقدون والمتخلّفون لا ينجبون إلاّ ما يسانخهم ويناظرهم ...
يلزم بـ «العقلانيّة» أن تكون استقراءً ومراجعةً وبعثرةً وحفراً ومقارنةً واستنطاقاً ومحاكاةً ومتابعةً واستشارةً وتأمّلاً وتدبّراً وتفرّساً وكياسةً وحكمةً وعدلاً وإنصافاً وإيماناً والتزاماً وإنسانيّةً وتفكيراً