الشروط الموضوعيّة المشار إليها سابقاً ..
ولعلّ أخطر ما نودّ الإشارة إليه في سياق وظائف العقلانيّة : أنّها تتعامل ـ أي المفروض فيها ذلك ـ مع الاستفهامات المعرفيّة والتساؤلات العلميّة والغوامض والمبهمات والشكّيّات ونظائرها بروح الشفّافيّة والمسؤوليّة المفعمتين بالبرهان والدليل والشاهد والقرينة الحاسمة ، فالكلمة الفصل أخصب نتاجها ، والمجاملة على حساب الحقيقة والواقع خارجةٌ عنها تخصّصاً ; إذ كيف بالعقلانيّة التي تخوض غمار العمق والجوهر أن تقنع لنفسها بالخضوع لسلطان القشور الزائل؟! فهي تحفر رؤاها وحاصل كدحها على الذهن الإنساني كالنقش على الحجر ; كونها تقتات على العلم وتُرفَد بالعلم وتغوص في العلم وتنبعث من العلم وتقصد العلم ، فلو قُدّر للعقلانيّة أن تقتات على الـ «لو» والـ «إذا» لخرجت عن العنوان الذي اختير لها وصارت كمهنة المتنبّئين المفترشين طرقات السذاجة والبدع والخرافات والأوهام ..