ـ متى ولج الإسم على الاصطلاح فإنّه قد يتجاوز وظيفته التبليغيّة ، وظيفة الوسيط بين العقل والوجود ، إلى منزلة دلاليّة مستقلّة ، تمكّنه من أن يغدو متعالياً على الأشياء والعقل معاً ، هكذا تصبح للألفاظ سلطة مستقلّة ووجود متميّز عمّا تمثّله من أشياء وأفكار أو تشير إليه من موجودات ; بسبب اكتنازها بالدلالة عبر تاريخها الطويل ..
نقول :
ما يهمّنا هنا تلك التسمية التي تُنتزَع وتُلَبَّس إثر الأفعال الساكنة ـ كترك الواجب وعدم النطق بالباطل ـ والمتحرّكة ، الصادرة عن جهد ذهني وعقلي ومادّي وغيرها ، المترشّحة علماً ومعرفةً وحضارةً وقيماً ومبادئاً وغيرها ، شرّيرة أو خيّرة ، خارقها وطبيعيّها ، مذلّها ومعزّها ، خالدها وفانيها .... هذه التسمية التي تنقلب بكثرة الاستعمال إلى علامة من علامات الحقيقة وتبقى ملازمة لصاحبها لا تنفكّ عنه إلاّ بالصعوبة البالغة رغم توفّر عناصر انسلاخها ، إنّها تمثّل حينئذ ركناً ومحوراً من محاور كيانه ووجوده ، بل ترقى بحيث تكاد تكون بمنزلة «التغاير المفهومي» ..
وتسري هذه التسمية على الفرد والاُسرة والمحلّة والمدينة والوطن والاُمّة والمجتمع والانتماء والهويّة والفكر ..
ولكن طالما خضعت «التسمية» لأسباب وعلل ودواعي غير حقيقيّة وتحقيقيّة ، بل ظالمة وتعسّفية ، نفعيّة وانتهازيّة ، لأدوات غير علميّة ومعرفيّة وأخلاقيّة ، لغايات غير إنسانيّة ، لأوهام وصناعات زائفة ،