لقسوة لا ترحم حتى الهفوة والخطأ العفوي ، لمصالح ومطامع تعظّم وتدمّر ، تضخّم وتفني ، تختلق وتمحو ...
فهذا يعني اضطراب الملاكات والموازين والضوابط ، فاختُرِقت مبادئ العلم والمعرفة والثقافة ، واهتزّت الحقيقة ، ونالت الأحكام والاُصول والتأريخ والتفسير ونظائرها نصيبها من التحريف والتزييف ، اللذين انعكسا بديهيّاً على المدوّنات والمقولات والتقريرات ، وصارت الهوّة تتّسع يوماً بعد آخر وغدا الاختلاف يتّخذ صيغاً وأساليب متنوّعة تبعاً للظرف وحجم الإمكانيّات ، وباتت الشبهة والتهمة والغفلة والنسيان ونظائرها ذنباً وكبيرةً لا تغفر ، وأضحت كبائر الأسياد وخطايا أولياء النعم وذنوب الجبّارين حسنات طيّبات .. وهذا ما يعني سحق الحقيقة بأقدام الحيف والضلال ..
إنّ مناهج الحذف والنفي والتزييف والتشويه والتحريف ما هي إلاّ أدواتٌ من أدوات «التسمية الباطلة» التي صادرت الحقيقة وتعدّت على حقوق الفرد والاُسرة والمجتمع والاُمّة والإنسانيّة طرّاً ..
لا شكّ أنّ الحروب والصراعات والحصار لن تصنع حلاًّ لهذه الأزمة الرهيبة ، أزمة القيم والأخلاق والمبادئ ، ولا نراها ـ أي الأزمة ـ منفرجة طبق القرارات والخطابات والأنساق الموجودة ، وسيستمرّ النقاش والخلاف ، ولن تكون هناك نهاية ايديولوجيّة تاريخيّة توحّد القلوب والعقول ، وستبقى لوائح الاسكندر المقدوني وكونفوشيوس وفوكوياما