وتحكم الأفكار واختلافاتها وإفرازاتها وتبعاتها عواملٌ وقواعدٌ ناشئة من نوع القيم والمبادئ والأخلاق التي يتبنّاها الفكر ، أيّ فكر ..
بات من الواضح أن جذر الصراعات جذرٌ فكري ، جذرٌ إنساني ، وطبق الدائرة الضيّقة فإنّها ـ بالقهقرى ـ راشحُ الجهد الفردي البشري ، فالفرد الواحد بإمكانه أن يغيّر المعادلات والتوازنات القائمة وأن يحدث الانقلابات الهائلة على صعيد المعرفة والثقافة والقيم .. ومن الطبيعي أيضاً أن تختلف قراءة وفهم واستيعاب ذلك الراشح الفردي ، سواءٌ في ذلك المعتقدون به والمناوءُون ، واختلاف المعتقدين من الممكن أن يفضي كذلك إلى تصادم صراع وتناحر ، انطلاقاً من نوع القراءة والفهم مضافاً إلى المؤشّرات الاُخرى كالمصالح والرغبات وغيرها ..
إلاّ أنّ المثير للجدل تداوم الاستهلاك الفكري المملّ داخل النظام الواحد والأنظمة المتغايرة ، الناشئ من الاختلافات المشار إليها ، بعبارة اُخرى : استمرار الاجترار وجدولة ذات المتغايرات تاريخيّاً وجغرافيّاً دون أدنى تبدّل ملحوظ ، فالإثارات والشبهات والافتراءات والأحقاد والآلام هي ذاتها ، والإجابات والردود والإيضاحات هي ذاتها أيضاً ، بلا أدنى تعب وجهد ..
نحن ضمن نطاق النسق الواحد أيضاً أشغلنا اُصولنا وثوابتنا ومبادئنا وثرواتنا وطاقاتنا بتجاذبات حرمتنا فرصَ النهوض والمواكبة والتفوّق ; فبدل أن نكون مصدر الإشعاع الذي تنعم البشريّة بقيمه وأخلاقه تمكّن