الآخر من إزاحتنا عن ميدان المنافسة والتفوّق ; بفعل خطط واستراتيجيّات ساقنا بها إلى انشغال قاتل ، استنفد ما لدينا من عقول وإمكانيّات ، ثم جرّنا إلى فخّ خطير يؤدّي بنا نهاية المطاف إلى إفلاس فكري يصيّرنا أفواهاً جائعةً جاهزة تلتقف بنهم شديد كلّ ما يصلها من أفكاره ، متسابقة لنيل أرقى مراتب التقليد والتبعيّة والالتقاط الأعمى ، فبات «التنوير» يعني : الوافد علينا ، والتخلّف والظلام يعني : قيَمنا ومبادئنا ، وكأ نّنا اُمّة لا تدرك فلسفة العلم والمعرفة والأخلاق ، وكأ نّنا نسينا اُصولنا وثوابتنا ، بل صرنا نستنكف من انتمائنا حتى ..
لقد شغلونا وأفلحوا ، شغلونا بمفردات تحريف القرآن وسبّ الصحابة والتقيّة وغيرها ، ولم يكتفوا بذلك بل أوجدوا فضاءً من الرعب والخوف والترويع بيننا ، زرعوا حاجز انعدام الثقة ، ساهموا في بناء الستار الحديدي الذي ضربه كلّ منّا على أفكاره وتصوّراته ، وصارت محاولة التعرّف على متبنّيات الآخر منّا محكومةً بالكفر والضلال ، الأمر الذي بات يهدّد الثوابت والاُصول بالنسف والتدمير ، وساءت الأحوال كثيراً إثر تسلّط أمثال الفكر التكفيري وغيره على مقدّرات وأذهان طيف كبير من الاُمّة ، الفكر الذي لا يفهم معنى الحوار مطلقاً ، لا يفهم سوى منطق السيف والدم ، ولم تستطع المحاولات الخجولة من ترويضه أو ردعه ، بل شمّر البعض عن ساعد الدعم لهذا الفكر بوسائل مباشرة وغير مباشرة عبر التحذير والإنذار من «مدّ الآخر» و «الهلال» و «الخطر» و «النفوذ» و «التوسّع» .... هذا «الآخر» المتّهم زوراً وبهتاناً بالخيانة والتآمر في