ليكره طعم الموت والموت طالب |
|
فكيف يلذ الموت والموت مطلوب (١) |
دعا قصب العلياء يملكها امروء |
|
بغير افاعيل الدناءة مقضوب (٢) |
يرى أن طول الحرب والبؤس راحة |
|
وأن دوام السلم والخفض تعذيب (٣) |
__________________
١ ـ هذا البيت ليس على عمومه بل مخصوص بهما وبامثالهما وهو من قول بعض العرب وقد قيل له لم تفر فقال والله اني لا اكره الموت وهو يأتيني انا اسعى إليه بقدمي.
٢ ـ يريد قصب سبق العليا فحذف المضاف للدلالة عليه وفي القصب وجهان احدهما انه يراد به مسافة السباق لانها تمسح بالقصب فاطلق عليها لفظ القصب مجازا والآخر انهم كانوا يجعلون في غاية الحلبة قصبة فالسابق يأخذ تلك القصبة ليكون شاهدا له بالسبق. والمقضوب المعيب وقضبه إذا عابه فمقضوب صفة لا مرئ وبغير متعلقة بمقضوب فالتقدير يملكها امرؤمعيب بغير فعل دني وكان الاحسن ان يكون وضع الكلام يملكها امرؤ غير مقضوب بفعل دني فكان يحصل بذلك التنزيه لامير المؤمنين عليهالسلام والتعريض بغيره ووجه البيت انه كامل ليس فيه عيب الا ما ادعاه فيه اعداؤه وذلك لو ثبت لكان من مكارم اخلاق سيدنا محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله فقد كان يمزح ويقول اني لا مزح ولا اقول الا حقا واول من نسب عليا إلى الدعابة عمر بن الخطاب ثم انتشر في افواه اعدائه كمعاوية بن هند وعمرو بن النابغة حتى قال علي عليهالسلام عجبا لابن النابغة يزعم لاهل الشام اني في دعابة واني امرؤ تلعابة أعانس وأمارس لقد قال باطلا ونطق آثما بفسوقه ثم شهد بفسوقه وغدره وجبنه في كلام له وكأن ابن ابي الحديد نظر في هذا البيت إلى قول بعضهم :
ولا عيب فيهم غير
ان سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع
الكتائب |
٣ ـ البؤس شدة الحاجة والسلم الصلح يكسر ويفتح ويذكر ويؤنث. والخفض الراحة والمدح في هذا البيت يتوجه باعتبارين الاول بالنظر إلى مطلق الشجاعة والتجرد لها واطراح الراحة كما تمدح العرب بذلك في نظمها ونثرها ، والثاني بالنظر إلى العبادة فان الجهاد اعظم العبادات.