قال في المغرب : نعي الناعي الميت نعياً أخبر بموته وهو منعيّ ، ومنه الحديث : «إذا لبست اُمّتي السواد فانعوا الإسم» وإنّما قال ذلك تعريضاً بملك بني العبّاس ، وفي تصحيفه إلى فانعوا حكاية مستطرفة تركتها لشهرتها. انتهى قوله.
وقال صاحب الكشّاف في الفائق : وقد ذكر حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا نعايا العرب إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفيّة. وروي يا نعيان العرب ، وقال الأصمعي : إنّما هو يا نعاء العرب. في نعايا ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون جمع نعي ، وهو المصدر ، يقال : نعي الميت نعياً نحو صأى الفرخ صأياً ، ونظيره في جمع فعيل من غير المؤنّث على فعائل ما ذكره سيبويه من قولهم في جمع أفيل ولفيف أفائل ولفائف.
والثاني : أن يكون اسم جمع ، كما جاء أخايا في جمع أخيّة ، وأحاديث في جمع حديث.
والثالث : أن يكون جمع نعاء التي هي اسم الفعل ، وهو فعال مؤنّث ، وأخواتها وهنّ فجار وقطام وفساق مؤنّثات ، كما جمع شمال على شمائل.
والمعنى يا نعايا العرب جئن فهذا وفتكنّ وزمانكنّ ، يريد أنّ العرب قد هلكت. والنعيان مصدر بمعنى النعي ، وأمّا نعاء العرب فمعناه أنع العرب والمنادى محذوف.
الشهوة الخفيّة قيل : هي كلّ شيء من المعاصي يضمره صاحبه ويصرّ عليه. وقيل : أن يرى جارية حسناء فيغضّ طرفه ، ثمّ ينظر بقلبه ويمثّلها لنفسه فيفتنها. انتهى كلامه. (١)
قلت : وعلى رواية نعيان بالضمّ يصحّ أيضاً أن يكون جمع ناع مثل راع ورعيان وباغ وبغيان ، كما قاله في أساس البلاغة ، (٢) وذكره ابن الأثير في النهاية. (٣)
(٢) أو ذكر الموت
أي : زوال الحياة الكاذبة الجسدانيّة ، والخروج عن ديار الطبيعة الفاسقة الجسمانيّة.
__________________
١. الفائق : ٣ / ١٠٩.
٢. أساس البلاغة : ص ٦٤٤.
٣. نهاية ابن الأثير : ٥ / ٨٥.