يلعنه لا نصير له. وهذا مقابل قوله في شأن المسلمين (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) [النساء : ٤٥].
[٥٣ ـ ٥٥] (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (٥٥))
(أم) للإضراب الانتقالي. وهي تؤذن بهمزة استفهام محذوفة بعدها ، أي : بل ألهم نصيب من الملك فلا يؤتون الناس نقيرا.
والاستفهام إنكاري حكمه حكم النفي. والعطف بالفاء على جملة (لَهُمْ نَصِيبٌ) وكذلك (فَإِذاً) هي جزاء لجملة (لَهُمْ نَصِيبٌ) ، واعتبر الاستفهام داخلا على مجموع الجملة وجزائها معا ؛ لأنّهم ينتفي إعطاؤهم الناس نقيرا على تقدير ثبوت الملك لهم لا على انتفائه. وهذا الكلام تهكّم عليهم في انتظارهم هو أن يرجع إليهم ملك إسرائيل ، وتسجيل عليهم بالبخل الذي لا يؤاتي من يرجون الملك. كما قال أبو الفتح البستي :
إذا ملك لم يكن ذا هبه |
|
فدعه فدولته ذاهبه |
وشحّهم وبخلهم معروف مشهور.
والنقير : شكلة في النواة كالدائرة ، يضرب بها المثل في القلّة.
ولذلك عقّب هذا الكلام بقوله (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).
والاستفهام المقدّر بعد (أم) هذه إنكار على حسدهم ، وليس مفيدا لنفي الحسد لأنّه واقع. والمراد بالناس النبي صلىاللهعليهوسلم ، والفضل النبوءة ، أو المراد به النبي والمؤمنون ، والفضل الهدى بالإيمان.
وقوله (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ) عطف على مقدّر من معنى الاستفهام الإنكاري ، توجيها للإنكار عليهم ، أي فلا بدع فيما حسدوه إذ قد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة والملك.
وآل إبراهيم : أبناؤه وعقبه ونسله ، وهو داخل في هذا الحكم لأنّهم إنّما أعطوه لأجل كرامته عند الله ووعد الله إيّاه بذلك. وتعريف (الكتاب) : تعريف الجنس ، فيصدق بالمتعدّد ، فيشمل صحف إبراهيم ، وصحف موسى ، وما أنزل بعد ذلك. والحكمة :