مؤخر.
وافتتح الكلام بحرف التّنبيه للاهتمام بالخبر لتحقيقه وإدخال الروع في ضمائرهم.
وتقديم الظرف للإيماء بأنّ إتيان العذاب لا شك فيه حتى أنه يوقّت بوقت.
والصرف : الدفع والإقصاء.
والحوق : الإحاطة.
والمعنى : أنه حالّ بهم حلولا لا مخلص منه بحال.
وجملة (وَحاقَ بِهِمْ) في موضع الحال أو معطوفة على خبر (لَيْسَ).
وصيغة المضي مستعملة في معنى التحقق ، وهذا عذاب القتل يوم بدر.
وما صدق (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) هو العذاب ، وباء (بِهِ) سببية أي بسبب ذكره فإن ذكر العذاب كان سببا لاستهزائهم حين توعدهم به النّبيء صلىاللهعليهوسلم.
والإتيان بالموصول في موضع الضمير للإيماء إلى أن استهزاءهم كان من أسباب غضب الله عليهم. وتقديره إحاطة العذاب بهم بحيث لا يجدون منه مخلصا.
(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩))
عطف على جملة (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) [هود : ٨]. فإنه لما ذكر أن ما هم فيه متاع إلى أجل معلوم عند الله. وأنهم بطروا نعمة التمتيع فسخروا بتأخير العذاب ، بيّنت هذه الآية أن أهل الضلالة راسخون في ذلك لأنّهم لا يفكّرون في غير اللّذات الدنيوية فتجري انفعالاتهم على حسب ذلك دون رجاء لتغير الحال ، ولا يتفكرون في أسباب النعيم والبؤس وتصرفات خالق الناس ومقدّر أحوالهم ، ولا يتّعظون بتقلبات أحوال الأمم ، فشأن أهل الضلالة أنّهم إن حلّت بهم الضراء بعد النعمة ملكهم اليأس من الخير ونسوا النعمة فجحدوها وكفروا منعمها ، فإنّ تأخير العذاب رحمة وإتيان العذاب نزع لتلك الرحمة ، وهذه الجملة في قوة التذييل. فتعريف (الإنسان) تعريف الجنس مراد به الاستغراق ، وبذلك اكتسبت الجملة قوة التذييل. فمعيار العموم الاستثناء في قوله تعالى : إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [هود : ١١] كما يأتي ، فيكون الاستغراق عرفيا جاريا