وأردتُه نافعا لمن سَمَتْ به هِمّته ، من غير الأطبّاء ، إلى أن يتعرّف صنعة الطّبّ ، ويتشوَّف إلى معنى حديث النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : (ما وضع الله داء إلّا وضع له دواء). ومُسعِفاً للطّبيب الرّاغب في تعريب لسانه ولوازم صنعته وآلات مهنته.
فلقد بلغنا عن أطبّاء عصرنا ومتطبِّبيه (٥) ، وصيادلته وعطّاريه ، وأهل الجِراحة والتّشريح والكحّالين ، ما بَلَغَنا من خروجهم على لغة العرب ، وتفضيلهم لكلام العجم ، يتمادَحون بذلك فيما بينهم ، ويُغْمِضون فيه أمام مرضاهم ، إظهارا لقدرة لا تستحقّ الإظهار ، وعجمة (٦) لا تستوجِب الافتخار (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (٧). فجهدت جَهدي أن أعيد الأعجميّ من لفظ الأطبّاء إلى رسوم لسان العرب.
وقد عَوَّلْتُ في هذا الكتاب على ما اختبرتُه بنفسي ، وما أفاضَه عليّ الشّيوخ الأطبّاء الكبار ، فأوّلهم استحقاقا للتّنويه الشّيخ العلّامة ابن سينا ، فله على كلّ كلمة ، هاهنا ، عارفةٌ ، وعلى كلّ علم نَوَّلنيه طارِفة. فمنه أخذْتُ معظمَ أبواب صنعة الطّبّ.
وعن أبي عبد الرّحمن الخليل بن أحمد أفدتُ تعريبَ ما كنت أَصَّلتُ من أسماء ومسمَّيات.
فإليهما فضل ما في هذا الكتاب من طبّ نافع ، ومعنى شافع .. وبه ، جلّ وعزّ ، استعنت وبه أستعين.
فالحمد لله الذي علّمني حمده ، وأوزعني أن أشكر نعمته التي أنعم عليّ ، وأعوذ به أن أروم ما ليس لي بحقّ ، أو أقول في العلم بغير علم ، أو أنطوي على غشّ أحد من الأنام ، أو يأخذني العُجْبُ بما نوَّلَتْنِيه الأيّام .. فعليه أتوكّل ، وأبتدئ الكلام على الماء ، فأقول :