وأقبل على الدعاء إلى الله أن ينجيه وأهله مما يعمل قومه ، أي من عذاب ما يعملونه فلا بدّ من تقدير مضاف كما دل عليه قوله : (فَنَجَّيْناهُ). ولا يحسن جعل المعنى : نجّني من أن أعمل عملهم ، لأنه يفوت معه التعريض بعذاب سيحل بهم. والقصة تقدمت في الأعراف وفي هود والحجر.
والفاء في قوله : (فَنَجَّيْناهُ) للتعقيب ، أي كانت نجاته عقب دعائه حسبما يقتضي ذلك من أسرع مدة بين الدعاء وأمر الله إياه بالخروج بأهله إلى قرية «صوغر».
والعجوز : المرأة المسنة وهي زوج لوط ، وقوله : (فِي الْغابِرِينَ) صفة (عَجُوزاً).
والغابر : المتصف بالغبور وهو البقاء بعد ذهاب الأصحاب أو أهل الخيل ، أي باقية في العذاب بعد نجاة زوجها وأهله وهي مستثناة من (وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ). وذلك أنها لحقها العذاب من دون أهلها فكان صفة لها. وقد تقدم ذلك في قصتهم في سورة هود.
و (ثُمَ) للتراخي الرتبي لأن إهلاك المكذبين أجدر بأن يذكر في مقام الموعظة من ذكر إنجاء لوط المؤمنين.
والتدمير : الإصابة بالدمار وهو الهلاك ، وذلك أنهم استؤصلوا بالخسف وإمطار الحجارة عليهم.
والمطر : الماء الذي يسقط من السحاب على الأرض. والإمطار : إنزال المطر ، يقال : أمطرت السماء. وسمي ما أصابهم من الحجارة مطرا لأن نزل عليهم من الجو. وقيل هو من مقذوفات براكين في بلادهم أثارتها زلازل الخسف فهو تشبيه بليغ.
و (ساء) فعل ذمّ بمعنى بئس. وفي قوله : (الْمُنْذَرِينَ) تسجيل عليهم بأنهم أنذروا فلم ينتذروا.
[١٧٤ ، ١٧٥] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥))
أي في قصتهم المعلومة للمشركين آية ، قال تعالى : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الصافات : ١٣٧ ، ١٣٨] وتقدم القول في نظيره آنفا.
[١٧٦ ـ ١٨٠] (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧)