بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
٣٣ ـ سورة الأحزاب
هكذا سميت سورة الأحزاب في المصاحف وكتب التفسير والسنة ، وكذلك رويت تسميتها عن ابن عباس وأبيّ بن كعب بأسانيد مقبولة. ولا يعرف لها اسم غيره. ووجه التسمية أن فيها ذكر أحزاب المشركين من قريش ومن تحزب معهم ، أرادوا غزو المسلمين في المدينة فردّ الله كيدهم وكفى الله المؤمنين القتال. وهي مدنية بالاتفاق ، وسيأتي عن ابن عباس أن آية (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) [الأحزاب : ٣٦] إلخ نزلت في تزويج زينب بنت جحش من زيد بن حارثة في مكة. وهي التسعون في عداد السور النازلة من القرآن ، نزلت بعد سورة الأنفال ، وقبل سورة المائدة.
وكان نزولها على قول ابن إسحاق أواخر سنة خمس من الهجرة وهو الذي جرى عليه ابن رشد في «البيان والتحصيل». وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك : أنها كانت سنة أربع وهي سنة غزوة الأحزاب وتسمى غزوة الخندق حين أحاط جماعات من قريش وأحابيشهم (١) وكنانة وغطفان وكانوا عشرة آلاف وكان المسلمون ثلاثة آلاف وعقبتها غزوة قريظة والنضير. وعدد آيها ثلاث وسبعون باتفاق أصحاب العدد.
ومما يجب التنبيه عليه مما يتعلق بهذه السورة ما رواه الحاكم والنسائي وغيرهما عن زر بن حبيش قال : قال لي أبي بن كعب : كأيّن تعدون سورة الأحزاب؟ قال : قلت : ثلاثا وسبعين آية. قال : أقط ـ بهمزة استفهام دخلت على قط ، أي : حسب ـ فو الذي يحلف به أبيّ : إن كانت لتعدل سورة البقرة. ولقد قرأنا فيها : «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتية نكالا من الله والله عزيز حكيم» فرفع فيما رفع ، أي : نسخ فيما نسخ من تلاوة
__________________
(١) أحابيش قريش : هم بنو المصطلق وبنو الهون اجتمعوا عند جبل بمكة يقال له : حبشيّ ـ بضم الحاء وسكون الباء ـ فحالفوا قريشا أنهم يد على غيرهم.