تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ٢٥ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في تفسير التّحرير والتّنوير

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

الوصف المصوغ بصيغة المبالغة من تمام عدل الله تعالى أن جعل كل درجات الظلم في رتبة الظلم الشديد.

[٤٧ ، ٤٨] (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨))

(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ).

كانوا إذا أنذروا بالبعث وساعته استهزءوا فسألوا عن وقتها ، وكان ذلك مما يتكرّر منهم ، قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) [الأعراف : ١٨٧] فلمّا جرى ذكر دليل إحياء الموتى وذكر إلحاد المشركين في دلالته بسؤالهم عنها استهزاء انتقل الكلام إلى حكاية سؤالهم تمهيدا للجواب عن ظاهره وتقديم المجرور على متعلّقه لإفادة الحصر ، أي إلى الله يفوض علم السّاعة لا إليّ ، فهو قصر قلب. وردّ عليهم بطريق الأسلوب الحكيم ، أي الأجدر أن تعلموا أن لا يعلم أحد متى السّاعة وأن تؤمنوا بها وتستعدّوا لها. ومثله قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وسأله رجل من المسلمين : متى الساعة؟ فقال له : «ما ذا أعددت لها» ، أي استعدادك لها أولى بالاعتناء من أن تسأل عن وقتها.

والرّد : الإرجاع وهو مستعمل لتفويض علم ذلك إلى الله والتبرؤ من أن يكون للمسئول علم به ، فكأنّه جيء بالسؤال إلى النّبيء صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فردّه إلى الله. وفي حديث موسى مع الخضر في «الصحيح» «فعاتب الله موسى أن لم يردّ العلم إليه» وقال تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ) [النساء : ٨٣] الآية. وعطف جملة (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) وما بعدها توجيه لصرف العلم بوقت السّاعة إلى الله بذكر نظائر لا يعلمها النّاس ، وليس علم السّاعة بأقرب منها فإنّها أمور مشاهدة ولا يعلم تفصيل حالها إلّا الله ، أي فليس في عدم العلم بوقت السّاعة حجة على تكذيب من أنذر بها ، لأنّهم قالوا : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [يس : ٤٨] ، أي إن لم تبيّن لنا وقته فلست بصادق. فهذا وجه ذكر تلك النظائر ، وهي ثلاثة أشياء :

أوّلها : علم ما تخرجه أكمام النخيل من الثمر بقدره وجودته وثباته أو سقوطه ، وضمير (أَكْمامِها) راجع إلى الثمرات. والأكمام : جمع كمّ بكسر الكاف وتشديد الميم